05-10-2013 12:00 PM
بقلم : إياس احمد عبود
بعض وطن يشهق في صدري فيدمي مقلتي, بعض وطن يرقص كالطائر المذبوح فيحرق روحي, اصبح لي بعض وطن واصبح لغيري كل الوطن (احرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس).
هل تعلمو انني تذكرت اني لم امتلك لعبة في صغري, لقد كنا نصنع العابنا بانفسنا وبمساعدة الاخ الاكبر, وتذكرت اني لم ازر مدينة الملاهي حتى انني لم اعرف في صغري انه يوجد مدينة للملاهي والألعاب, لقد كان يعجبني حذاء اخي الأكبر وانتظر بفارغ الصبر ان يضيق على قدمه وما زال فيه بعض روح, كي أكون أنا سعيد الحظ بأمتلاكه من بعده, رغم تعرض هذا الحذاء لبعض الحوادث التي مزقت بعضه لكن كانت سعادتي لا توصف بأمتلاكه.
ولا اخبركم عن سعادتي عندما تحمل امي مخيطها الذي تجيد استعماله كريشة فنان, لتصنع لي من بنطال والدي الذي لم يعد يرتديه بنطال على مقاسي وآخر على مقاس اخي, كنت لا انام وانا اراقب تلك اليد التي امتلأت بألم الحياة وهي تحيك فرحة مسرورة, وانا اراقب واحلم كيف يكون هذا البنطال الجديد, وكيف سارتديه غدا وكانه يوم عيد.
ورغم كل هذا لم اتذمر يوما ولم اشعر بالحزن كمثل هذا الحزن الذي اشعر به الان, لانه كان في صغري يحتضني وطن وكان يدبر اموري رجالات الوطن, وكان وطني بعيد عن عبث العابثين مكين امين, يلفني بعبائة من الحنان ويملئ رئتي بعبق الياسمين, كان وطني لي وحدي وكنت انا خنجره المسموم في صدر اعدائه.
كنت اسمع عن عمان باحاديث الكبار وعن سكانها وكانها ارم ذات العماد, والان اسمع عن عمان فاقول حسبي الله ونعم الوكيل, عندما كان يرفع السلام الملكي في مدرستي صباحا, كنت اضع يدي على صدري وارفع هامتي واسبل عيوني وكاني الرضيع في حضن امه, والان عندما اسمع السلام الملكي ما زلت اضع يدي على صدري, ولكن مطئطئ الراس تلفح وجهي رياح الحزن والاسى.
لكي الله يا عمان كيف افسدو هوائك بالمكائد والدسائس والفساد, لك الله يا عمان كيف يتسابقون على الباسك ثوب الذل والعار, لك الله يا عمان كيف اعتلوك ذكور النهب والسلب والدمار, يفرغون جيوبنا باسمك كي ننساك وندعو عليك, الا يعلمو هؤلاء المارقون انهم كلما ظلمونا باسمك اكثر تمسكنا بك اكثر, امتلأت قلوبنا بك اكثر, استوليت على انفاسنا أكثر وأكثر, لا تجزعي حبيبتي عمان, لا تخرج الحرية الا من خاصرة الظلم, ان المظلوم عندما يشتد عليه الظلم يعلم ان الفرج قريب, والمسجون عندما تشتد قيوده اكثر واكثر يعلم ان الحرية قريبة (ضاقت فلما استحكمت حلقاتها قرجت وكنت أظنها لا تفرج).