09-10-2013 09:08 PM
بقلم : منصور السرحان
كانت رحلة شوق قصيرة قضيتها بين عيون الوالدين وأحضانهما، استعيد ذاكرة عبير أمي الذي أدمنت رائحته، وصلابة وقوة أبي في التعبير عن حبه وشوقه ولهفته لي كي لا يبدو ضعيفا حتى في ناظري فلذة كبده. كانت زيارة لاستعادة أكسير الحياة، واستنشاق هواء الوطن ممزوجة بهالة من الدعوات الصادقة، من والدة تمتلئ بأنقى العواطف الجياشة لأبن أبعدته عنها ظروف الحياة والبحث عن الذات المفقودة، في وطن مسلوب بقرار غرقي وتم بيعه بثمن بخس في دكاكين دعاة السوق المفتوحة والاقتصاد الحر، وابناءه ينظرون يضربون كفا بكف لا حول لهم ولا قوة، إلا بذرف الدم والدموع تمر في خواطرهم ذكريات تأسيس وطن في عشرينيات القرن الماضي على أكتاف تلو أكتاف وأجيال ترث أجيال وعرق ودماء ونفثات من سجائر الهيشي.
ليأتي زبانية التسعينيات ممن حلقو رؤوسهم وأذقانهم ليمتازوا بأشكالهم الديجيتالية وليعيثوا فسادا في مؤسساتنا ومقدراتنا حتى أصبحت أثرا بعد عين. وكان من يساندهم ويقف إلى جانبهم صاحب القرار وصانعه ليصبحوا شركاء في سلب ماضي أجدادنا وحاضرنا ومستقبل أبنائنا. ولا زال التصفيق هو التصفيق والإيدي هي الإيدي والمقل الدامعة هي ذاتها والوجل داخل القلوب والنفوس هو هو وحفظ العيش والملح والمحافظة على العقد والعهد العشريني يبقى هو شعرة معاوية التي لانريدها ان تنقطع رغم لهاثنا ونحن نركض خلف من يشدونها خشية انقاطعها. لقد رأيت في أربعة أيام وجوه العابرين للشوارع، يكتنفها القنوط والمهانة والنظر للبعيد خلف الآفا،ق ولسان حالهم واحد وحلمهم واحد وهمهم واحد وآهتهم واحدة صداها واحد هو الأردن الأجمل بكل تفاصيله المسلوبة. لم يهن الأردني يوما ولن يهن لأنه تربى على الإخلاص والكرامة ولكن إحذروه إذا امتطى جواده، وقرر أن ينتفض ويسترد ما أخذ على حين غرة. احذروا غضبته وعنفوانه إذا هدر. لا تغلقوا عليه المنافذ وتجبروه على هدم الجدران بإظافره. وبعباره أخرى باللغة الأردنية العامية الجميلة "لا تلزوه على الطور".
أستميحك العذر ي أمي فقد كنتي شوقي ولهفتي حين كتبت ولكن سرقني الوطن منك وانحرفت بقلمي فكما أنا بحاجة لرضاك ودعواتك فأنا بحاجة أكثر لدفء الوطن وحضنه.
أبو ظبي في 9 أكتوبر 2013