12-10-2013 12:21 PM
بقلم : اللواء الركن المتقاعد وليد النسور
فوق تل الجادور جنوب شرق السلط، وعلى التلة المطلة باتجاه وادي السلط الذي تغنى به شعراء الاردن، حسني فريز وسليمان المشيني ومحمد العطيات، بجماله وأزهاره وخضرته ومياهه العذبة النقية، تقع مدرسة السلط الثانوية للبنين أم المدارس الثانوية على مستوى المملكة الاردنية الهاشمية، حيث تم افتتاحها من قبل الملك عبدالله المؤسس عام 1923 م وقد تزامن هذا التاريخ مع تاريخ تأسيس الدولة الاردنية الذي ارتبط بالعلم والمعرفة مع افتتاح هذه المدرسة العريقة.
لعبت هذه المدرسة دورا كبيرا في نشر الوعي السياسي والاجتماعي والوطني، فلقد إلتقى في رحابها أساتذة كبار جاؤوا من عدة اقطار عربية، ليجدوا على مقاعد الدراسة طلابا قدموا من جميع المدن الاردنية، الأمر الذي عزز من دور مدينة السلط التاريخي كمركز اشعاع وساحة واسعة لتكوين الرأي العام والفكر في الاردن وميدان رحب لحراك ثقافي نهض بمسؤولية شعراء وأدباء وإعلاميين وسياسيين، جعلوا من السلط عاصمة ثقافية للاردن ومدينة مفتوحة لتعلم الولاء والانتماء لحب لوطن والعرش الهاشمي في مدرستنا العتيدة كدارسين ومدرسين.
لها هيبة ووقار خاص يحاكي الزمان والأمجاد وعبق التاريخ, هي قلعة صمود وشموخ وعز وفخار, تعانق جبال السلط ألقا ورفعة ومنها تنبثق المحبة والأخوة والود لباقي مدن الاردن وحواضرها وبواديها شمالا وشرقا ووسطا وجنوبا، منها تخرج الرجال الرجال الكبار الرموز, البناة الاوائل الذين صنعوا المجد لهذا البلد الطيب المبارك نستذكر منهم مع حفظ الالقاب بهجت التلهوني, سعد جمعه, هزاع المجالي، وصفي التل, احمد اللوزي، عبدالسلام المجالي، علي ابو نوار, صادق الشرع, فرحان شبيلات، احمد الطراونه، عبدالله النسور.....الخ كانوا اصحاب فكر ومبادئ وقيم اختلفوا فيما بينهم كتيارات واتجاهات واحزاب ولكنهم كانوا يجتمعون على حب الوطن وترابه ومليكه, اختلافهم كان لاجل الوطن وانتمائهم وولائهم لترابه دوما.
قال عنها الملك الحسين-رحمه الله- « فلست اعرف مدرسة ولامؤسسة في بلدنا ارتبط تاريخها بتاريخ الوطن واتصل استمرارها ببناء الدولة وتطورها وأثر وجودها في نمو الاردن ورقيه كمدرسة السلط العريقة «.
وقال ايضا -رحمه الله - « لمدرسة السلط من كل مدرسة قامت بعدها تحية التقدير والوفاء ولمدينة السلط من كل مدينة وقرية اردنية تحية الاخوة والثناء «.
زرت قبل ايام هذه المدرسة وتجولت في ساحاتها من الخارج وكم كنت فرحا وبنفس الوقت حزينا على هذه المدرسة من الاهمال الذي لحق بها وبساحاتها من الخارج وبملعبها وجدرانها ومرافقها, وكم عتبت على الكبار من ابناء مدينة السلط خريجي هذه المدرسة, وعلى المسؤولين كافة على مختلف مستوياتهم الذين لم يحافظوا على هذا الكنز العظيم ويعطوه ما يستحق من العناية والرعاية, من حيث الادامة والصيانة واعادة التأهيل، لتبقى كما كانت منارة وشعلة للعلم والمعرفة, فتطوير هذه المدرسة والوقوف على حاجاتها ومتطلباتها اولوية شعبية اردنية عامة وسلطية خاصة، وأنا ادعم فكرة اطلاق حملة شعبية لجمع التبرعات من الميسورين من خريجي هذه المدرسة, وأن يتم تأسيس صندوق خاص من قبل الحكومة لدعم هذه المدرسة للحفاظ على هويتها وابقاء هذا الصرح التربوي العظيم شامخا متوقدا بالعلم والمعرفة.
ومن منبر جريدة الرأي الغراء جريدة جميع الاردنيين الاحرار أناشد دولة رئيس الوزراء وهو أحد خريجيها ومعلميها، لاعطاء توجيهاته للمعنيين في الحكومة من الوزراء والمدراء لزيارتها وتحقيق المتطلبات اللازمة لابقائها في حالتها التي نحب أن نراها بها.
ومن جانب اخر وللحفاظ على نوعية وجودة التعليم في هذه المدرسة، اقترح عدم قبول أي طالب للمرحلة الثانوية بها الا بعد احضار شهادة حسن سلوك اجلالا واحتراما لهذا الصرح العظيم ولخريجيها جيل العمالقة امثال وصفي التل - رحمه الله - الذين أعطوا وأثروا وقدموا للوطن الكثير الكثير.
الماضي دلالة الحاضر والحاضر دلالة المستقبل, فلا مستقبل منير لنا اذا اهملنا ماضينا وجزء مهم من كياننا وشخصيتنا الوطنية التي شكلت وصقلت من تاريخ مدرسة السلط وعبقرية المكان والزمان العريق, لتبقى هذه المدرسة وكما كانت تخرج شبابا كلهم عزيمة وعلم وولاء وانتماء ليكملوا مسيرة الاجداد والاباء بأمانة وإخلاص.