17-10-2013 12:37 PM
بقلم : ابراهيم ارشيد النوايسة
يعتبر الربا في حقيقة الأمر من أشد الأمراض الإجتماعية السائدة في زمننا هذا بل يعتبر الربا في زمننا الحالي أشد تحريماً مما حرمه الله في كتابه الكريم وسنة النبوية المشرفة .
كما أن التعامل في الربا له ضرر كبير فهو محرم في جميع الاديان وبجميع انواعه لكن السبب الرئيسي في تحــــريم الربا انه يؤدي الى العداوة والبغضاء بين النـــاس كما انه يقضي على روح التعاون بين الافراد.
حيث كان الربا قديماً على ثلاثة أنواع:
الأول ربــا النسيئة بمــــعنى أنه لا تـوجد فوائد على المقترض إلا إذا تأخر عن موعد السداد المعلوم بين الطرفين .
أما النوع الثاني: ربا الفضل بمعنى بيع صــاعين من التمر المتوسط مقابل صاع من التمر الجيد، أو الذهب أو الفضة أو الشعير .
النوع الثالث ربا اليد:وهو البيع مع تأخير قبـض البدلين أوتأخير قبض أحدهما دون ذكر أجل التسليم في العقد.
أما في عصرنا الحالي فإن البنوك الربوية تتـــعامل مع الجـمهور منذ بداية القرض إلى نهايته بإحتساب فائدة معلومة على كل شهر أو سنة قد تصل إلى ضعف الإقتراض .
إن تحريم الربا في الشريعة الإسلامية وسنة النبوية جاء على عدة أشكال مختلفة في التشديد على عدم اتباعه سراً أو جهراً .
(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْــعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَــلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَــى اللَّهِ وَمَــنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيـهَا خَــالِدُونَ ( 275 ) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ( 276 ) إِنَّ الَّــذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْـرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْــهِمْ وَلا هُمْ يَحْــزَنُونَ ( 277 ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ( 278 ) فَــإِنْ لَمْ تَفْــعَلُوا فَأْذَنُــوا بِحَـرْبٍ مِــنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْــتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُــــمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ( 279 ) وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْـسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ( 280 ) وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَـعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ )
وقال الرسول محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع (ألا وإن كــل ربــا في الجــاهلة موضوع، لكم رؤوس أموالــكم، لا تظلمون ولا تظلمون، وأول رباً موضوعٍ ربا العباس).
إن المشاكل الاجتماعية المختــلفة مثل ارتفــاع الأسعار والأمــراض النفسية والحروب والبطالة تعود في حقيقة بشكلٍ رئيسي ومباشر إلى الأمر في الربا.
حيث أن ارتفاع الأسعار في العـــالم اليوم يعود إلى الــنظام الربـــوي السائد اليوم، فلا يرضــي صاحب المال إذا استثمر ماله في زراعة أو صناعة أو شراء سلعة أن يبيع سلعته أو الشـــيء الذي أنتجه إلا بربح أكثر من نسبة الربا، وكلما زاد الربا كلما ارتفعت الأسعار كثيرًا، إذا كان المنتج أو التاجر صاحب المال، وأما إذا كــان المنــتج أو الــتاجر ممن يقترض بالربا فإن ارتفاع أسعار منتــجاته شــيء طبيــعي، حيث سيضيف إلى نفقاته ما يدفعه من الربا.
كما أن للربا أضرارًا نفسية خطيرة، وذلك لأنــه يولد في الإنـسان حب الأثرة والأنانية، فلا يعرف المرابي إلا نفسه، ولا يــهمه إلا مصـلحته، فتنعدم بذلك روح التضــحية والإيثـار، وتنعدم معاني الخير بين الناس، فيصبح المرابي وحشًا مفتــرسًا لا هــم له في الحـــياة إلا جـــمع المال وامتصاص دماء المحتاجين، وهــكذا ينــتـشر الحـقد والجـشع في نفس المرابي ويقابلها البغض والكراهية للأغنياء المرابين من جانب الفقراء المحتاجين. (روائع البيان لمحمد علي الصابوني)
ولــما كان النــظام الربــوي يقــوم على أساس الاستــغلال، فــكان من الطبيعي أن تحدث المشاجرات بين أفراد المـجتمع الواحد، ولأجل هذا الاستغلال فإنه في كــثير من الأحيــان لا يــريد مـن كان عليه دين أن يدفع ما يجب في ذمته من أصل أو ربا إلا مكرهًا فتكون الخـصومات والمشاحنات بين الـدائن والمـدين، وكان العرب في الجاهلية يتعاملون بالربا، فيحصل بسببه محاربات عظيمة، وفي الوقت الحاضر قد أدى التعامل بالربا إلى احتلال بعض الدول الغنية دولاً فقيرة بحجة ضمان أموالها والمحافظة عليها.
اكتشف العالم الغربي بعد انهيار الاقتصاد العالمي بأن القرآن الكـــريم قد طرح موضـعاً في غــاية الأهـمية بتحريم الربا ولولا امتثل الـــعالم الغربي إليه لما انهار اقتصـادهم، ولما آلـت بهم الأحــوال إلى هــــــذا الإنحدار الإقتصادي المتنامي ، بل كان يجب علينا كا أمة اســــلامية أن نحزن على عقود طويلة مــن عمرنا ضـــاعت بــسبب استـــسلاماً للاستبداد، وابتعادنا عن شريعة الله، فلو أنها أصرت على عدم التعامل بالربا كما أمـرها الله لقــادت اليوم الاقــتصاد العالـــمي، ولاستـخدمت ثروتها في إعمار الأرض، فحققت أعلى درجات التقدم والغنى.
يقول الحــق سبحــانه وتعالى بــعذا الخصوص في محكم تنزيله ( وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِـــنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْــلِمُونَ * فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ).
إننا في حقيقة الأمر غارقون في البنوك الربوية فمن منا لم يستند إليهم ومن منا فكر بأن يعقد صلحاً مع رب العالمين ويــــبتعد عنها، إننا في حقيقة الأمر نعزو أسباب اللجوء إلى هذه البنوك نـــظراً لضنك العيش ونبرر لأنفسنا اللجوء إليها دائماً بدون أن نحاسب أنفسنا بأننا مصرون على ارتكاب الكــبائر والتــي نهانا عنــها الله ورســوله صلى الله عليه وسلم.
للتعليق اضغط هنا