حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,25 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 24144

الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح

الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح

الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح

19-10-2013 03:11 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. فايز ابو درويش
يقول تعالى مخبراً عن تعنت الكفار في كفرهم وعنادهم في قولهم: { لولا أنزل علينا الملائكة} أي بالرسالة كما تنزل على الأنبياء، كما أخبر اللّه عنهم في الآية الأخرى { قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل اللّه} ، ويحتمل أن يكون مرادهم ههنا { لولا أنزل علينا الملائكة} فنراهم عياناً فيخبرونا أن محمداً رسول اللّه، كقولهم: { أو تأتي باللّه والملائكة قبيلا} ، ولهذا قالوا: { أو نرى ربنا} ، ولهذا قال اللّه تعالى: { لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا} ، وقوله تعالى: { يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا} أي هم يوم يرونهم لا بشرى يومئذ لهم، وذلك يصدق على وقت الاحتضار، حين تبشرهم الملائكة بالنار، فتقول الملائكة للكافر عند خروج روحه: أخرجي أيتها النفس الخبيثة في الجسد الخبيث، أخرجي إلى سموم وحميم وظل من يحموم، فتأبى الخروج وتتفرق في البدن فيضربونه، كما قال اللّه تعالى: { ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم} الآية. وقال تعالى: { ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم} أي بالضرب، ولهذا قال في هذه الآية الكريمة: { يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين} وهذا بخلاف حال المؤمنين حال احتضارهم فإنهم يبشرون بالخيرات، وحصول المسرات، قال اللّه تعالى: { إن الذين قالوا ربنا اللّه ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} ، وفي الصحيح عن البراء بن عازب: إن الملائكة تقول لروح المؤمن: أخرجي أيتها النفس الطيبة في الجسد الطيب إن كنت تعمرينه، أخرجي إلى روح وريحان ورب غير غضبان ((تقدم الحديث في سورة إبراهيم عند قوله تعالى: { يثبت اللّه الذين آمنوا بالقول الثابت} الآية))، وقال آخرون: بل المراد بقوله: { يوم يرون الملائكة لا بشرى} يعني يوم القيامة، قاله مجاهد والضحاك وغيرهما؛ ولا منافاة بين هذا وما تقدم، فإن الملائكة في هذين اليومين - يوم الممات ويوم المعاد - تتجلى للمؤمنين والكافرين، فتبشر المؤمنين بالرحمة والرضوان، وتخبر الكافرين بالخيبة والخسران، فلا بشرى يومئذ للمجرمين { ويقولون حجرا محجورا} أي وتقول الملائكة للكافرين: حرام محرم عليكم الفلاح اليوم، وأصل الحجر المنع، ومنه يقال: حجر القاضي على فلان إذا منعه التصرف، إما لسفهٍ أو صغرٍ أو نحو ذلك؛ ومنه يقال للعقل حِجْر لأنه يمنع صاحبه عن تعاطي ما لا يليق، والغرض أن الضمير في قوله: { ويقولون} عائد على الملائكة، هذا قول مجاهد وعكرمة والضحاك واختاره ابن جرير. وقوله تعالى: { وقدمنا إلى ما عملوا من عمل} الآية، هذا يوم القيامة حين يحاسب اللّه العباد على ما عملوه من الخير والشر، فأخبر أنه لا يحصل لهؤلاء المشركين من الأعمال التي ظنوا أنها منجاة لهم شيء، وذلك لأنها فقدت الشرط الشرعي إما الإخلاص فيها، وإما المتابعة لشرع اللّه، فكل عمل لا يكون خالصاً وعلى الشريعة المرضية فهو باطل، ولهذا قال تعالى: { وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} ، عن علي رضي اللّه عنه في قوله: { هباء منثورا} قال: شعاع الشمس إذا دخل الكوة. وكذا قال الحسن البصري: هو شعاع في كوة أحدكم ولو ذهب يقبض عليه لم يستطع، وقال ابن عباس { هباء منثورا} قال: هو الماء المهراق، وقال قتادة: أما رأيت يبس الشجر إذا ذرته الريح؟ فهو ذلك الورق. وروى عبد اللّه بن وهب عن عبيد بن يعلى قال: إن الهباء الرماد إذا ذرته الريح، وحاصل هذه الأقوال التنبيه على مضمون الآية، وذلك أنهم عملوا أعمالاً اعتقدوا أنها على شيء، فلما عرضت على الملك الحكم العدل الذي لا يجور ولا يظلم أحداً إذا بها لا شيء بالكلية، وشبهت في ذلك بالشيء التافه الحقير المتفرق، الذي لا يقدر صاحبه منه على شيء بالكلية، كما قال تعالى: { مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح} الآية، وقال تعالى: { والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً} . وقوله تعالى: { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا} أي يوم القيامة { لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون} وذلك أن أهل الجنة يصيرون إلى الدرجات العاليات، والغرفات الآمنات، فهم في مقام أمين حسن المنظر طيب المقام { خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما} وأهل النار يصيرون إلى الدركات السافلات، وأنواع العذاب والعقوبات { إنها ساءت مستقرا ومقاما} أي بئس المنزل منظراً وبئس المقيل مقاماً، ولهذا قال تعالى: { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا} أي بما عملوه من الأعمال المتقبلة نالوا ما نالوا وصاروا إلى ما صاروا إليه بخلاف أهل النار، فإنهم ليس لهم عمل واحد يقتضي دخول الجنة لهم والنجاة من النار، فنبه تعالى بحال السعداء على حال الأشقياء وأنه لا خير عندهم بالكلية، فقال تعالى: { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا} ، قال ابن عباس، إنما هي ساعة فيقبل أولياء اللّه على الأسرة مع الحور العين، ويقبل أعداء اللّه مع الشياطين مقرنين، وقال سعيد بن جبير: يفرغ اللّه من الحساب نصف النهار فيقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار، قال اللّه تعالى: { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا} ، قال قتادة: أي مأوى ومنزلاً. وقال ابن جرير عن سعيد الصواف: أنه بلغه أن يوم القيامة يقصر على المؤمن حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس، وأنهم يتقلبون في رياض الجنة، حتى يفرغ من الناس، وذلك قوله تعالى: { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا} . تفسير ابن كثير










طباعة
  • المشاهدات: 24144
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم