27-10-2013 09:38 AM
بقلم : د. زيد سعد ابو جسار
كثير من الأمثال الشعبية في مضمونها الحكمة كونها نابعة من تجارب وخبرات تم توارثها على مدى امتداد الأجداد والتي هي ضالة المؤمن يؤخذ بها عندما لا تتعارض مع الكتاب والسنة .
مع بداية نعومة أظافرنا سماعنا الأمثال من الأمهات والجدات وهن يحاكن أنفسهن على شكل تمتمة خافتة لم ندرك معانيها , بعد ذلك أصبحنا نسمعها في المجالس التي تعتبر مدارس للأجيال لينالوا الخبرة التي تفيدهم في كيفية التعامل مع كل مجالات الحياة الخاصة منها والعامة,ليكبر الإنسان بها , فهي قاموس لخبرات ووعي الشعوب من تفاعلها مع أبجديات الحياة , تختزل وتفهرس في كلمات بسيطة متناسقة ليسهل حفظها وتوارثها من جيل لآخر,وبالتالي تحفظ وتجسد التراث والعادات والتقاليد في حياة المجتمع...
الإنسان كائن اجتماعي ارتبط منذ ولادته بالأسرة بمفهومها الواسع لتنوع الأجيال فيها ,تعلم التواصل الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية واكتساب المعلومة والخبرة من هذا التنوع, تمكنه من توسيع دائرته الاجتماعية التي تترابط بالعادات والتقاليد المدونة في ذاكرة قاموس الأمثال الشعبية, التي تحاكي الواقع وتثقف الإنسان في الأمور الاجتماعية, التي لها الدور الأساسي في نضج عقل الإنسان, الذي يمكن ملاحظته من خلال تحمل المسؤولية وطريقة تعامله مع الآخرين وبيئته ,ومعالجة الأمور بالحكمة نتيجة ما اكتسبه من دراية وخبرة ,والتي عجز عنها التعليم في المدارس والجامعات بل عملت على تدميرها كون التعليم لا يكون إلا من خلال متابعة أدب التربية واحترامها .لهذا نجد أن الأجيال التي حرمت من الارتباط الأسري لاجتماعي بمفهومها الواسع.قد حرمت من التواصل والعلاقات الاجتماعية وحرمت من اكتساب الخبرة لهذا فقد تجد إن البعض قد كبر وتجاوز عمر البلوغ والرشد وليس لديه أي خبرة ودراية في التواصل والعلاقات الاجتماعية ...
الأمثال الشعبية تشمل كل أنواع الحياة ,التي تمكن الإنسان من التعامل بالخبرة,وفيها أدب التعامل ومألوف الخطاب وهذه من الطرق الناجحة لإيصال الرأي وتقبله من الطرف الأخر , كونها تخاطب الخصوصية بشمولية المعنى وتختصر الحوار وتجعل منه خطاب ودي ومقنع في نفس الوقت , فهذه الأمثال هي نتاج خبرات يقرها ويتعامل بها كافة أفراد المجتمع...
والأمثال الشعبية تشمل وسائل الترويح والنقد عند الإنسان وخاصة الأمثال التي تأخذ الطابع الهزلي المضحك ,التي تعبر عن شعور الإنسان على الأحداث والظروف السلبية التي يمر بها , ومثال على ذلك(اجا يكحلها قام عماها) يمكن أن يقال لمن يريد إصلاح ما أفسده الدهر فزاد الخراب خرابا,ومثل آخر بقول (ارضينا بالهم والهم ما رضي بينا) , وفي مثل بقول( يا سيل درجهن عمهلهن معاشير ليرمن بهمهن) يقال لمن يأس الناس من رحمته كيأسهم من رحمة السيل الجارف حينما يجرف معاشير الغنم , مثال آخر بقول (تجوزنا لننستر يا عمار على أيام الفضيحة ),يمكن أن يقال على نتائج الربيع العربي.....
والأمثال الشعبية لها دور في حفظ التراث التاريخي للإنسان فمثل ( رجعت حليمة لعادتها القديمة ),فحليمة هي زوجة حاتم الطائي ,ومنها للموعظة والتذكير(ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع ) ,وأخر (كل اشي قرضه ودين حتى دموع العين) ,وأخر بقول (الدنيا دوارة يوم الك ويوم عليك) .وآخر (الطمع بالدين),وتقال الأمثال للتحذير مثال ( مطرح العقرب لا تقرب ) , (الشر من شرارة ).(دجاجة حفرت على رأسها عفرت) وفي مثل بقول (يا ماخذ القرد على ماله بروح المال وببقى القرد على حاله ),وأمثال تختزل المعلومة الطبية بكلمات الحكمة مثل(إذا أوجعك بطنك احرمه وإذا أوجعك راسك أكرمه)و(يرد الصيف اشد من ضرب السيف)..
أمثال عديدة تقال وفي كل الأحوال تغني الإنسان بالمعلومة المكنونة في الأمثال لتنير الحكمة طريق ألإنسان , من تزود بها أصبح فهمان وتجنب كل طرق الندم والخسران ,ومن هذه الامثال دلالة على غنى الشعوب بالتجارب التي نتج عنها الخبرة يخرج من رحمها الحكمة ,وفي ذلك دلالة على أنها شعوب عريقة لها جذور وتأثير على الحضارات الأخرى…