27-10-2013 10:37 AM
بقلم : رياض خلف النوافعه
من أكثر المقابلات التلفزيونية التي أثارت اهتمامي، وبخاصة أنها جاءت بعد رحلة دينية خالصة طالباً الرئيس من خلالها العفو، والمغفرة من رب العباد، ولعل بركات الرحلة ودوافعها الإيمانية بدأت بالظهور فعلاً، بعدما فاجئ دولته جمهور المشاهدين من الأردنيين للقنوات الفضائية، أن مسلسل الرفع بكافة القطاعات توقف فعلاً، وأن الاقتصاد قد خرج فعلياً من غرف الإنعاش، وبات في محطات الانتظار بعدما طبّق الجراحين الأردنيين الوصفات البنكية العالمية، وقد استجاب لكورسات العلاج، ولو كانت على حساب المواطنين المسحوقين معيشياً.
ما سرّني بالأمس تلك الطمائنينه، والسعادة التي اعتلت محييّ رئيس وزرائنا الأفخم، وهو يفتخر بالنجاحات التي حققها في فترة زمنية محدودة، وأن دينارنا بات في أقوى حالته، وان المليارات قد استقرت في بنكنا المركزي، وأن العواصف المالية قد انحسرت، وباتت هزّاتها الارتدادية لا تشكل عائقاً أمام الاقتصاد الوطني، وبالمقابل بدأت المخططات الهندسية في طور المراجعة النهائية، لتنفيذ مشاريع المنحة الخليجية التي قد نجني أكلها قريبا، لتعالج جزءاً من البطالة التي يعاني منها شبابنا، وتفعيل عجلة الاقتصاد من خلال ما سوف تقدمه المشاريع من نوافذ معيشية لأسر متعطشة للعمل، والبعد عن مغادرة حدود البلد.
وبالمقابل تناسى دولته أن تلك المسّرّات التي زفّها للمواطن الأردني كانت صادمة للطبقات الاجتماعية المتهالكة، لأنها هي من طبّق عليها تلك الوصفات الاقتصادية من خلال تحمل كماً هائلاً من الضرائب، وقد يكون الأردن الدولة الأعلى عالمياً، فضلا عن ارتفاع نسبة الفقر جراء مسلسل رفع الأسعار الذي فاقت التوقعات، حتى نالت من راتب الموظف وتجاوزته إلى بعض مدّخراته المالية الضعيفة أصلاً، ممّا جعل جماهير غفيرة من المواطنين الكادحين تطالب بمغادرة الرئيس الدّوار الرابع قبل أن يغادروا هم حدود البلاد.
ومع أن المواطن هو ضحية الراحة، والسعادة التي يشعر بها دولته، إلا أنه لم يستطع الوصول إلى معاقل الفاسدين، وزجّهم في مهاجع السجون، متذرعاً أنه لا يملك البراهين، والأدلة الدامغة، بالرغم من بيع العديد من المؤسسات الإنتاجية، والتطاول على المال العام في مرّات كتيرة، إلا أن معظمها سقط بالتقادم لعدم وجود الدليل القاطع بحقهم، والسؤال المطروح كيف يريد أن يترك من تطاول على خزائن الدولة، وأجهز عليها، وهو نفسه من طوّع القوانين التي تقدم له المساعدة في التطاول، وربما السلب، والنهب.
إذا كان دولته لا يريد فتح الملفات القديمة، والتي لطّخ العديد منها بقضايا فساد، بحجة أن المجلس النيابي هو صاحب الولاية في محاسبة مسئولي العيار الثقيل، إذن ما فائدة الولاية العامة التي تتغنى بها؟، أم أنها ولاية كرتونية سرعان ما تتبخر نتيجة نفوذ قوى ما زالت تعمل بالظلام، لأنها لا ترغب أن يكون الأردن قوياً.