27-10-2013 11:01 AM
بقلم : أ.د رشيد عبّاس
يقال والله اعلم أن (الأمة) التي ليس لديها مقومات المشاركة في بناء نسيج الحضارة التكنولوجية القادمة (ستنقرض) عاجلا أم آجلا ! ويبدو أن المقصود بالانقراض هنا لا يعني بالضرورة زوال وانتهاء الأمة أو مغادرة الأمة كوكب الأرض , إنما بقاء هذه (الأمة) على قيد الحياة وعلى كوكب الأرض تستهلك فقط ولا تنتج , تدفع الجزية والخراج لأصحاب الحضارة التكنولوجية مقابل حماية النفوس وحماية الأرض , نعم بقاء هذه (الأمة) على كوكب الأرض سيكون لإجراء التجارب في شتى مجالات الحياة , إذا لم يكتب لها المشاركة الحقيقية في بناء (المعرفة) التكنولوجية .
والسؤال الخجول هنا , ما هو المطلوب , من اجل أن لا ننقرض (كأمة) , ما هو المطلوب منا كي لا ندفع الجزية والخراج , وكي لا نصبح محطة لإجراء التجارب في شتى مجالات الحياة ؟ اعتقد جازما , أن احد طلبة الصف الأول الأساسي في عالمنا العربي يستطيع الإجابة على مثل هذا التساؤل , نعم إذا ما (لملمنا) إجابة احد طلبة الصف الأول الأساسي في عالمنا العربي , ستكون الإجابة , عن طريق (ثورة تعليمية) حقيقية تجتاح الوطن العربي , لكن السؤال الكبير والعظيم , والذي لا يستطيع الإجابة عليه إلا أصحاب الفكر التربوي , هذا السؤال يتمحور حول (كيفية) الثورة التعليمية الحقيقية المطلوبة لاجتياح الوطن العربي , ثورة تعليمية تعيد هيكلة التعليم بطريقة صحيحة , كي نبني (المعرفة) التكنولوجية .
أن (الثورة التعليمية) الحقيقية المطلوبة في عالمنا العربي , تتطلب جملة من القضايا , على رأسها , أولا : منهاج غير مكثف مبني على الأداء والمهارة , ثانيا : استراتيجيات تدريس مبنية على حل المشكلات وعلى تنمية التفكير الناقد , وعلى المنهج العلمي في الاستقصاء والبحث , وعلى الحوار البنّاء , ثالثا : استراتيجيات تقويم مبنية على التحليل والربط وعلى التبرير والتفسير , رابعا : بيئة تعليمية آمنة ببعديها المادي والمعنوي , خامسا : معلمين لديهم قدرات عالية في إدارة بناء المعرفة .
وبكل صراحة فان هناك تراجع حقيقي في التعليم (خطير) يسود عالمنا العربي منذ عشرات السنوات , سيشكل هذا التراجع منعطفا خطيرا , الأمر الذي سيجعل منّا امة مستهلكة , وبالتالي رفضنا وعدم قبولنا إلا بشروط قاسية من قبل الأمم المنتجة , وإذا ما وضعنا المجهر لتكبير أسباب التراجع الحقيقي في التعليم في عالمنا العربي منذ عشرات السنوات , سنجد أن مثل هذه المجاهر ستكون عاجزة كل العجز عن تحديد هؤلاء الذين أخذتهم (الواسطة) ووضعتهم في أماكن غير أماكنهم الحقيقية , لان المعنيين عن مثل هذه التراجع قد عطّلوا هذه المجاهر (خوفا من رؤيتهم) لتكشف عن الفساد التربوي المتراكم في عالمنا العربي بشقية المالي والإداري , لكن ستلاحقهم لعنات الأجيال الأبدية على مدى الحياة , لان التعليم هو الحياة , وان تعطيل الحياة جريمة , وان (ثورة تعليمية) حقيقية يخطط لها على مستوى الوطن العربي , ستكون السلاح الفتّاك لمثل هؤلاء .