28-10-2013 09:57 AM
بقلم : د. سامي الرشيد
حتى تتقدم أية أمة وتلحق بالأمم التي سبقتها في مجالات الحضارة والمدنية، لابد لها أن تكون أمة مفكرة تفكيراً إستراتيجياً، حيث الفوضى العشوائية لا تخلق الأجيال الصحيحة والأجيال النافعين، أجيال المستقبل الذين يفيدون من الماضي ويطورونه لما ينفع حاضرهم، ويضعون الخطط المستقبلية التي تصبح أساساً مهماً وقاعدة ينطلقون منها ونبراساً ينير لهم الطريق.
إن أساس الخطط والاستراتيجية والأعمال التنظيمية هم الشباب والقادة، إذ بغير قيادة صحيحة واعية ومنتمية لشعوبها ولتراب وطنها، لا يمكن أن توضع الخطط الصحيحة.
فالقادة الذين يتابعون ويطورون ويساعدون ويهتمون بالآخرين وباقتصاد البلد ونموه هم القادة الأكفاء الذين نبحث عنهم، وهم النابعون من قواعدهم وكوادرهم، ويتحسسون مشاكلهم ويفهمون حاجاتهم ويرأسون مهاراتهم ويوجهونهم للمسار الصحيح.
إن العمل المؤسسي والقيادة الجماعية في أية مؤسسة هي أساس العمل الديمقراطي الصحيح الذي يعد الأجيال ويشحذ تفكيرهم وينمي مداركهم.
أما الفردية والأنانية فإنها لا تعكس الخير على شعوبها ولا تنهض بها، بل تلبي حاجات آنية وفردية فقط تكون مدعاة للتأخر وهي طريق من طرق العبودية لكرامة الإنسان.
أما خلق القيادات الصحيحة في أي عمل من الأعمال وتدريبها الكافي فهي الأساس لوضع الخطط، فإذا توفرت تلك القيادات وأصبح لدينا قادة مؤثرون في كل مجال استطعنا أن نسير على الدرب الصحيح، فبالصفوة من القادة المؤثرين يتبلور لدينا تفكير استراتيجي صحيح.
فالقائد هو الشخص الذي يعني بالتقنية المتغيرة ويتابع الناس ويوجه الأهداف ويضع خطوات العمل للعقود القادمة.
أما أفضل القادة فهو الذي يعد الناس ويرشدهم حتى يتمكنوا فيما بعد من السير لوحدهم من غير حاجة آليه.
ويأتي بعده القائد الذي يكسب حب وإعجاب العاملين معه، ويأتي بعده ذلك القائد الذي يفرض الخوف حوله، وأسوأ أنواع القادة هو الذي يترك الناس ثم يتركونه وعندما تنعدم الثقة بين القائد والناس فإنهم يتصرفون بخلق سيء.
وإذا كانت البيروقراطية توصف بأنها منتجة، فإن على القيادة أن تظهر الجانب الإيجابي في الخصائص الاجتماعية، وإلاّ فإنها تواجه بالاضطرابات الاجتماعية الناتجة عن البدائل غير المنتجة.
أما التطوير الإنساني فإنه وفرة من الجدارة والاستقلالية ومزيداً من التفهم الإنساني، فإذا أبعد القائد عن المركزية ودعا للمشاركة، فإنه يشجع نحو التحديث والتغيير ويكون مقنعاً ويبني جسوراً للثقة بينه وبين الآخرين لتعكس إيجاباً على العمل وتقدمه وتطوره.
القيادة هي رأس الهرم لكل قطاع أفقي من قطاعات ذلك الهرم، فقوة الشخصية والقوة الإدارية لكل شخص تلعب دورها وتعتبر من أهم نجاح المؤسسات، فالإدارة الصحيحة والأسس الديمقراطية والحكم الجماعي هي مكونات نجاح ذلك القائد.
أما الخطط الواضحة الصحيحة، فهي المنار وهي المدرسة وهي الأساس الذي يمكن أن تعتمد عليه المؤسسات في بلورة طرقها ورسم سياساتها وأهدافها المستقبلية تمهيداً لوضعها موضع التنفيذ، وكلما كانت الرؤيا واضحة والطريق ممهدة، كلما قلت الأخطاء وسارت الشعوب نحو أهدافها وإلى ما تصبو إليه من طموحات وما تنظر إليه من آمال، وكلما كانت الإدارة ناجحة والدقة متوخاة وكان الاتقان عنوان العمل، كلما كانت المسيرة سالكة وتعمر لأجيال طويلة، حيث النوعية الجيدة هي أساس استمرار كل عمل وتعطي المردود الجيد على المستوى البعيد.
dr.sami.alrashid@gmail.com