30-10-2013 10:24 AM
بقلم : رقية القضاة
{ألبرت آينشتاين }، إسم علمي عالي التردد، بعيد التأثير ،عميق الأثر ، واسع المد، متبحر في الفيزياء ،،بارع في العلوم، سيد النسبية ،درسناه منذ نعومة أظفارنا ،وفهّمناه لأولادنا ،وبالتاكيد ستتلمذ على مناقبه العلمية والاجتهادية احفادنا ، فالرجل عالم كبير ضليع في مجاله، وعلمه أجلّ وأرفع من أن تتجاهله أمة من الأمم، فما بالك بنا ونحن أمة الحكمة انّى وجدناها التقطناها ، وانّى لنا الاستغناء عن اينشتاين واقرانه من العلماء الذين أفنوا حياتهم من أجل أن يوقدوها شموعا لطلاب البحث والتنقيب والابداع.
كل هذا حسن رائع ،ولكن الرجل الطيب الذي أمضى حياته في صومعة العلم وساحة الاستنباط ،وهاجر من بلد إلى آخر، وضيق عليه حتى في اوروبا ،إلى أن وسعه حلم امريكا، وعمّه فضلها ،وحنى عليه حضنها الدافيء الحنون ، ومنحته وهي خجلة لسمو مقامه جنسيتها الكريمة، وفتحت له باب البحث والتجريب والإختبار على مصراعيه، فابدع وأجادوافاد ،هذا الرجل [لم يكن صهيونيا]!!!وإن كان ابويه يهوديان،ولم يكن صهيونيا، رغم تصريحه بأن قيمة الصهيونية لديه تكمن في [التأثير التعليمي والتوحيدي للصهيونية على اليهود في مختلف أنحاء العالم].
وهو كذلك ليس صهيونيا ،رغم قوله[إنني اتحدث بإسم المباديءالتي هي أهم إسهام قدمه الشعب اليهودي إلى البشرية!!! ] ، وهو براء كذلك من الصهيونية وسياساتها ،رغم أن فكرة الدولة المشتركة ،هي رؤية خالصة له وأنه يعتنق مبدأ حق الشعب اليهودي في إقامة دولة على أرضه التي[ منحها ]له الرب ،ولكنه يرى كذلك ان هذا الرب [أسكن} الفلسطينيين فيها ولان كل فريق يرى أن الله معه ،فإنه يقترح إبقاء الله خارج الصراع ، لأن الدين عنده أصلا [تخاريف صبيانيه].
وهو كذلك ليس صهيونيا، وهو يتابع أحداث قيام دولة إسرائيل لحظة بلحظة،{ فيلقي باللائمة على القوميين العرب والمتطرفين الإسلاميين }سواء بسواء مع قومه المعتدين الذين لم يعترف مرة واحدة بانهم معتدون ،بل هم أصحاب حق مضطهدون ،ينبغي على العرب التعايش معهم بصفتهم أقرب الشعوب إلى اليهود! ! ويمكنهم التكامل معا اقتصاديا وثقافيا!! بل ويسمي الشيخ أمين الحسيني بالإسم معتبرا إياه سبب المشكلة ؟! وعندما وجه تنبيها إلى قادة اليهود ليتعلموا درس الألفي سنة الماضية ،طالبا منهم إيجاد طريقة للتفاهم والتعايش مع العرب ،حمل الانكليز مسؤولية ما يحدث بين الشعبين ،وقد نسي تماما نسبيته ونظرياته العلميه وادعاءه بأنه ليس رجل سياسة ،وذلك حين خوطب ليكون رئيسا لدولة اسرائيل فأجاب أنا رجل علم ولست رجل سياسة }ولعل هذه الجزئية في شخصية اينشتاين هي اكثر مايستحق الإحترام، فالرجل لم ير في الكرسي فقط وسيلة لخدمة أمته وقوميته التي يقول هو عنها ، [القومية بيولوجيةتورث ولا تكتسب]فاليهودي يظل يهوديا حتى ولو تخلى عن ديانته] ولذا رفض الرجل كرسي الرئاسة، لعلمه أنه سيحول بينه وبين مايريد من الناس ان تراه عليه، وهو رداء العالم البعيد عن السياسة ،الرافض للإنضواء تحت لواء أية أيديولوجيا ،لأنه أكبر من فكرة واحدة يحصر في مجالها. واكتفى بأن يزور وطنه القومي وينال شهادة الدكتوراه الفخرية من الجامعه العبرية وذلك بعد أقل من عام واحد على قيام ما يسمى بإسرائيل.
وهو إنساني النزعة والقصد ،حين يوصي بإخراج اليهود من أ لمانيا إلى الشرق حيث بلاد الامان ووطن السعادة ،ولا يحبذ لقومه الإعتماد على الإنجليز، بل تفضل مشكورا بمطالبتهم وتوجيههم إلى التفاهم مع العرب مباشرة ، دون وساطة من الانجليز لان قيام دولة اسرائيل جاء لتحرير اليهود لا لقهر العرب حسب قوله؟!.
ولست أدري كيف تداعت إلى ذهني هذه التصورات عن أينشتاين، وأنا اتصفح تللك الرسالة التي كشف عنها قبل أيام ،وبيعت لشار مجهول ؟ بمئات الآلاف من الد ولارات الأمريكية ، ووجدتني أكتب عنه ،على أمل ان تكون هذه الكلمات وما سبقني إليها غيري من أساتذتنا كتاب الأمة الإسلامية ، كلمات توعية ،حين نقدم لأبنائنا علماء الغرب والشرق ،أن نذكر ما لهم وما عليهم ،وأن لا نستخف بافكارهم الهدامة واثرها على أجيالنا، وعلينا كذلك أن نفصل بين علومهم البحتة ،وسمومهم الفكرية ، فلا يمنعنا شنآنهم من أن ننزلهم مكانهم الطبيعي العادل ، في سلم العلوم ،.
و على الرغم من أن أينشتاين ، قدأوصى بأن تحفظ مسوداته ومراسلاته في الجامعة العبرية في القدس{تحديدا} ، وأن تنقل حقوق استخدام إسمه الكريم ،وصورته البهية ،إلى هذه الجامعة ،على الرغم من كل هذه الحقائق ربما مايزال منا اناس ،يعتبرون أينشتاين[ليس صهيونيا ] ،وربما اعتبره البعض بريئا من حمل القومية الصهيونية ، اولم يقل هو بلسانه [إن القوميةمرض طفولي] فربما شفي منه ولكنه وبكل تأكيد لم يشف من صهيونيته الموروثه .
فلنكن أكثر حذرا ودقة ، حين ندرس لأجيالنا مآثر علماء انحازوا إلى اكثر الأمم حقدا ، واشد الثقافات عنصرية ، ونحن نصورهم شهداء علم ،وصناع مآثر، بينما تختفي سير علماءنا وعظماءنا وخلفاءنا وقادتنا ومكتشفيناو أطباءنا وعباقرتنا ، تحت ركام الإهمال ،وصور الدسائس والإساءة المقصودة ،إلى تاريخهم ونصاعته ونزاهته ،وجهده ونقاءه وإبداعه ولنذكر أن أبناءنا امتداد لتلك الكوكبة الرائعة من بناة الحضارة الإسلامية وحماتها ورواد نهضة الإنسانية بكل المعايير والقيم الإنسانية.