30-10-2013 10:56 AM
بقلم : أحمد محمود سعيد
اطلّت جلالة الملكة رانيا العبدلله من على شاشة فناة العربية القضائيّة في ليلتي الاحد والاثنين من هذا الاسبوع في مقابلة اجرتها الاعلامية الاردنية المتميّزة منتهى الرمحي وقد تميزت جلالتها بكلامها الهادئ المتّزن وبلباسها الراقي البسيط المحتشم وبثقافتها الواسعة المتنوّعة .
وقد كرّرت جلالتها جملة انّها ليست سياسيّة ولكن من شاهد المقابلة وسمع ارائها وطروحاتها نحو عملية الاصلاح يجد انّ تلك الاراء هي البداية الحقيقية للكثير من الاصلاحات المطلوبة .
وقد ركّزت الملكة على دور الشباب وقالت هم رجال المستقبل خلال السنين الخمسة القادمة وليس بعد زمن طويل وان هؤلاء الشباب يعيشون حياة افتراضيّة خلال جلوسهم امام الانترنت وعندما يعودون لبيوتهم يعيشون حياتهم الحقيقية ويشعرون بالفرق الكبير بين الحياتين لذلك علينا تقليص الفجوة بين الحياتين للتخفيف على شبابنا .
وقالت جلالتها لا شك ان الامن والآمان هو اهم ما يطلبه المواطن وان الديموقراطية هي الطريق المؤدية لهذا الأمان .
وقالت جلالتها ما دام اننا نعيش في منطقة مشاكلها متعدّدة ومعقّدة لذلك فإن الحلول ليست بسيطة وانما معقّدة ولكن بما انه لدينا قيم جيدة وعقل متفتّح ورؤيا ايجابية للمستقبل وعمل منهجي متقن وقابلية لتقبّل الرأي الآخر كما لدينا الصبر فاننا بحاجة لحوار يضم جميع الاطراف والاساس هو الثقة بالنفس وبحضارتنا وثقافتنا كما لدينا العمق التاريخي وثراء ماضينا واصالة تراثنا وثروات فوق الارض وهو العنصر البشري وتحت الارض ثروات طبيعية كثيرة اضافة للموقع الجغرافي الهام لذلك نحن بحاجة للتفاؤل وطاولة الحوار هي الانسب للخروج برؤيا مستقبلية واضحة وتبشّر بأفق مشرق يلبّي تطلّعات الناس وقد تعلمنا من المغفور له الملك حسين رحمه الله ان نؤمن بأمرين هما التفاؤل والاعتدال .
وقد اختلف العالم العربي عمّا سبق وهو الان لا يريد شعارات بل يريد خطوات عملية صغيرة تنقلنا لمستقبل افضل .
ونحن بحاجة لحل جذري يعالج معظم التحديات التي نواجهها وهذا يكمن في التعليم حيث ان التعليم النوعي يحقّق مبدأ تكافؤ الفرص وهو الفاسم الاجتماعي الاعظم ويحتوي الفكرة والمهارة والموهبة ومن المعروف ان كم المعرفة في العالم الان يتضاعف كل خمس سنوات ولكنّه في سنة 2020 سيضاعف بفترة اقل كثيرا كما يجب التركيز على التعليم المبكّر للاطفال حيث تبلغ نسبة الالتحاق بهذا التعليم في العالم العربي 20% فقط بينما في العالم المتحضّر تصل الى 85% وهذا التعليم ليس للتعليم الدراسي وانما لزرع صفات جيّدة في الطفل ونحن في الاردن نفخر بخريجينا وذلك بشهادة الكثير من الدول والجهات التي يعملون بها .
ويجب ان يتعلّم ابناؤنا ما يستجد من علوم كما قال الامام علي كرّم الله وجهه (علموا أولادكم غير ما علمتم، فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم)
ويجب ان تتناسب برامج التعليم ومتطلبات سوق العمل حيث تبلغ نسبة البطالة بين الشباب في العالم العربي حوالي 25% لذلك فإن التعليم جزء لا يتجزء من الاصلاح السياسي في المنطقة ويجب التركيز على مخرجات التعليم وليس على مدخلاته فقط ويجب اعادة هيبة المعلّم كما كانت سابقا كما يجب تقديم جميع ما يلزم لدعم المعلّم من تدريب مستمر وادوات واجهزة تكنولوجية والكترونية وخلافه .
كما كانت جلالتها صريحة في الحديث عن الانتقادات التي طالتها وعزت ذلك الى ان من يعمل في العمل العام يكون عرضة للنقد وكانت حريصة على سماع النقد المسؤول المبني على المعرفة والحقائق ووجهة نظر عقلانيّة ولكن ليس كالانتقادات التي كانت مبنيّة على اشاعات كاذبة والتي كما قالت جلالتها مسّتني وعائلتي بسوء وكان يمكنني ان اعتب على ذلك ولكن من الصعب ان اغضب من اهلي وعشيرتي .
وتحدّثت جلالتها بتواضع عن نشاطاتها ومشاركاتها ومبادراتها في المحافل الدولية للدفاع عن الاسلام والمسلمين وقالت انها ليست المرأة المسلمة الوحيدة التي تقوم بذلك ولكنها قالت ان الاستطلاعات العالمية تشير الى ان النظرة للمسلمين في الغرب تدل على ان اساس الانتقاد هو عدم المعرفة بالقدر الكافي عن المسلمين وان الصورة النمطيّة عن الاسلام والمسلمين هي انه دين كراهية وعنف والمسلمون ارهابيّون وقالت جلالتها ان هناك مغالطة عندما يوصف بان هناك اسلام سياسي وهذا قد يدفع لاستغلال الدين بالسياسة او ان هناك اسلام معتدل واسلام متشدد بينما ان ديننا الاسلامي هو دين وسطي وقد قال رسولنا الكريم (ص ) المسلم من سلم الناس من يده ولسانه .
ويجب الرجوع لجوهر الدين من حب الخير والتسامح والانسانية في التعامل والاخلاق الحميدة ويجب ان يكون هناك على الدوام حضور عربي واسلامي في المحافل الدوليّة وقالت جلالتها ان هدفها في اي سفر او مؤتمر او مبادرة هو الترويج لبلدي والدفاع عن امّتي .
وعن العولمة قالت جلالتها انه بالرغم من وجود ايجابيات وسلبيات للعولمة فانها واقع يجب ان نتعامل به وتحدّثت جلالتها عن حياتها الاسرية مع زوجها جلالة سيّدنا كما دأبت تناديه كبقيّة الشعب الاردني وابناؤها الاربعة واكبرهم الامير حسين ولي العهد وقالت جلالتها انها كجميع الامهات تخشى على اولادها خاصّة في فترة المراهقة وانها مع اعطاء الابناء حريّتهم مع مراقبتهم والحديث معهم باستمرار عن احوالهم واصدقائهم وانهم كعائلة يجتمعون على العشاء ويتحدّث كل واحد منهم عن يومه .
وتحدّثت جلالتها عن فلسطين والمقدّسات وكيف ان الهاشميّيون يهتمّون بذلك وانها عندما تطرح رأيها في موضوع سياسي امام جلالة الملك فانه يكون رأيا كباقي اراء الاردنيّين لدى جلالة الملك فهناك مرجعيّات ومستشارين وغيرهم من اهل السياسة .
وتُعجب جلالتها بكلمة ملكتنا من الاردنيّين وتفتخر بها اكثر من كلمة الملكة لانها تشعرها انها لهم ومُلكهم .
وهكذا كانت ملكتنا متألقة كما هي على الدوام متواضعة تواضع الام الحانية على ابنائها مثقّفة مليئة بالمعرفة متميّزة بشهادة مبادراتها الطيّبة الهادفة الناجحة واثقة بعرويتها ودينها ومتفائلة بمستقبل شعبها وامّتها متأكدة ان المرأة العربية سوف تأخذ كامل حقوقها خاصّة في مجال العمل والاستفادة من علومها ومعارفها وتميّزها .
هكذا هم الملوك اوطانهم همّهم الاوّل وراحة مواطنيهم هو الهدف الاسمى وبناء وتطوير مجتمعاتهم هو شغلهم الشاغل .
حفظ الله الاردن ارضا وشعبا وقيادة ونوّر بالعلم طريقه وسدّد بالاسلام خطاه وانار دربه بالهدى والرشاد .
وناخذ من اشعار احمد شفيق كامل ومغناة محمد عبد الوهاب عام 1960
وطني حبيبي الوطن الأكبر يوم ورا يوم أمجاده بتكبر
وطني يا مالي بحبك قلبي وطني يا وطن الشعب العربي
يالى ناديت بالوحدة الكبرى بعد ما شفت جمال الثورة