02-11-2013 10:01 AM
بقلم : أحمد محمود سعيد
لا شكّ ان برنامج الصندوق الاسود الذي عرض على قناة الجزيرة الفضائية حول فضيحة اتفاقية كازينو البحر الميّت التي عقدت بين الحكومة الاردنيّة ومستثمرغير اردني عام 2007 والتي استمرت ذيولها حتّى الان .
وتدل الحقائق التي قدّمتها القناة الفضائية وتصيب المواطن الاردني بالذهول بسبب الخلل الموجود في ادارة الملفات الرئيسة في الاردن والذي اقل ما يقال عنه انه اولا جهل كبير في الشؤون القانونية والادارية والمالية وثانيا انفراديّة اتخاذ القرار وعنجهيّة التغطية الرسمية له وثالثا اسلوب تمرير القرارات بشكل غير صحيح ورابعا عدم اطلاع المستويات الاعلى على الاتفاقيات التي تمس حقوق الشعب وتوضيحها للناس واضفاء السرّية عليها وخامسا المحاسبة وتحميل المسؤولية والشخصنة في الإدانة والتبرئة وتغطية الفساد بفساد اسوأ واخيرا اغلاق الملف من ناحية المسؤوليّة بينما الاتفاقية ما زالت مفتوحة ويمكن تحميل الاردن وبالتالي المواطن الاردني الكثير من الخسائر والتي تتوقّف فقط على حب المستثمر للاردن ومصالحه الانيّة وإذا تراجع المستثمر عن حبّه تكون الطامّة الكبرى فوق ما نحن فيه .
ومن العجب ان رؤساء حكومات ووزراء وموظفين درجات عليا ممن كان لهم علاقة مباشرة او غير مياشرة بالقضيّة يعودون لممتارسة اتخاذ القرارفي مواقعهم نفسها او مواقع متقدّمة اخرى ويبقى الاردن والاردنيّون اسرى لجهلهم وعدم معرفتهم وتردّدهم فبعد ان بُرأ الجميع من التهم في القضيّة ولكن الباب بقي مفتوحا لأي انعكاسات محتملة لإعادة إحياء مطالبة المستثمر للشرط الجزائي ولا يكتفي بالسبعة ملايين دينار التي طلبها كتعويض بينما عرضت عليه الحكومة مليون دينار فقط كنفقات اغلاق الملف خاصة ان القانون البريطاني هو الحكم الذي وافقت عليه الحكومة الاردنية ورجالاتها المعنيّين لاي خلاف بتلك الاتفاقية .
وحساسية هذا الموضوع تكمن اولا في شبهة الحلال والحرام واكتفي فيها لقرار اللجنة الوطنية للسياحة باعتبار المشروع هو مشروع سياحي وثانيا المغالطات الادارية في استدراج العروض وتحليلها والاحالة للمستثمر وثالثا شروط الاتفاقية بخصوص اعطاء المستثمر مدة خمسون عاما للاستثمار وكذلك في الشرط الجزائي الكبير والذي يزيد عن مليار دولار في حال الغاء الاتفاقية وكذلك في الموافقة ان اي خلاف بين الحكومة الاردنية والمستثمر يحل بالمحاكم البريطانيّة والقانون البريطاني ورابعا ان إحالة هذه الاتفاقيّة لم تلتزم بقانون اللوازم العامّة المعمول به في الاردن وخامسا السريّة التي عوملت بها هذه الاتفاقية تبعث الريبة والشك ولولا ان تداعيات هذه الاتفاقية دخلت في فترة الربيع والاصلاحات الدستورية وصادفت انها انكشفت وقت الانتخابات النيابية التي فضحت هذه القضية وسادسا هشاشة القرارات العليا للحكومة في محاسبة الفساد قضائيا وتشريعيا وعمليا وعدم التنسيق بين كافة الجهات ذات العلاقة .
ان من تابع ذلك البرنامج يخرج بانطباع اكيد ان هناك فساد سواء كان مقصودا او غير مقصود وسواء كان الشخص المعني على علم مسبق او تعامل بجهل او خجل او حوف وقد جاء خمس وزراء وست حكومات منذ توقيع الاتفاقية إضافة لعشرات الوزراء وكبار الموظفين فهل اتنصر اي منهم للمواطن الاردني بالفعل وليس بالقول المكرر والكلام المعسول حول كرامة الاردني ومعيشة الضنك التي يحياها .
ان وضع الادارة الاردنية من حكومة ووزاراتها ووزرائها ودوائرها وتشريعاتها وكبار موظفيها وطرق التنسيق والاتصال فيما بينها بحاجة الى مراجعة شاملة ومخلصة على ان يكون ذلك بالإستفادة من حالات شبهة الفساد التي طالت اناس كنّا نعتقد انهم من المستحيل ان يكون الفساد لوّثهم او طرق باب ضمائرهم أوان كثرة فلوس الدولة بين يديهم قد عمى ابصارهم وجعلهم يحيدون عن الحلال للحرام .
وآن للمواطن الاردني ان يضع الخوف جانبا خاصّة بعد ان تبيّن ان من كانوا يبعثون الخوف في الشعب الاردني بمجرّد سماع اسمهم تبيّن انهم من كبار الفاسدين فمنهم من ثبتت التهمة عليه وحوكم ومنهم بقيت الشبهة ولم تثبت إدانته حتى الساعة وعلى كل حال فإن المواطن المخلص افضل ممن مسّته شبهة الفساد لذلك على المواطن ان يكون جريئا في قول الحق والكشف عمّا هو يعلم للمحافظة على وطنه وغيره من المواطنين .
وإذا كانت فكرة الكازينو قد ماتت على البحر الميت فان الاتفاقيّة ما زالت حيّة وقد تُطلّ برأسها في اي وقت وقانا الله شرّها .
حمى الله الاردن ارضا وشعبا وقيادة وابعد عنهم كل فساد وفاسد بإذن الله .