04-11-2013 05:10 PM
بقلم : الدكتور كايد الركيبات
زمان كنا في المدارس في حصة الرياضة، يجلسنا معلم الرياضة على شكل دائرة من كل التلاميذ في الصف، ويعطي احد التلاميذ منديل، ويطلب منه أن يدور حول باقي التلاميذ، ويرمي هذا المنديل وراء احد التلاميذ الجالسين، والمطلوب من الذي يٌبتلى بهذا المنديل أن يقوم ويركض خلف من رمى المنديل وراءه، إلى أن يمسك به، ليعود ويجلس مكانه، ثم يقوم هو أيضا برمي المنديل خلف طالب آخر، وتتكرر العملية إلى أن تنتهي حصة الرياضة، وهذا حالنا، التلاميذ جالسين وكل واحد منهم خائف أن يرمى المنديل وراءه، و واحد راكض وملحوق من واحد راكض، والنتيجة فقط طاقة تتفرغ، وقت يضيع، ومخاوف تنتهي بانتهاء اللعبة، وبعد ما كبرنا، وجدنا أن فكرة اللعبة هي سياسة تتبعها الحكومات الأردنية المتعاقبة، كل حكومة تلف وتدور، وتتفنن في تضييع الوقت، وتفرغ طاقات البلد بلا فائدة، وتضيع موارده بلا مردود، وترمي نفاياتها على الحكومة التي تأتي بعدها.
والطريف في الموضوع أن الحكومة الأردنية الرشيدة، طالعتنا منذ أيام، بتصاريح رنانة وذات بلاغة في التعبير، فتصريح حكومتنا الرشيدة جاء بنص - أننا انسحبنا من السوق بعد أن ضبطنا الأسعار- كسياسة علاجيه من قبلها، لحل مشكلة ارتفاع أسعار الخضار.
والعجب أن الحكومات الوطنية الشفافة التي تتفنن في إيجاد الحلول للمشاكل بعد وقوعها، لا يوجد لديها تطلعات حقيقية للمستقبل، ولا تكاد خططها الإستراتيجية تزيد عن مجموعة أفكار، مصبوبة في قوالب لا تصلح إلا للاستهلاك الإعلامي والكلامي التنظيري، وإعلانه على شكل خطط مستقبلية لا تطمح الحكومات لتحقيقها بجدية، بل تحلم وتتأمل أن يكون لديها عزيمة على أن تحققها، فالإرادة والجدية والموضوعية، مصطلحات ليست موجودة في قاموس المخططين والمفكرين الاستراتيجيين في بلادنا، عداك عن المنفذين وأهل السلطة.
فكل ما نستطيع إيجاده من أفكار في جلسات العصف الذهني، هو إجابات عن ماذا فعلنا عندما واجهتنا هذه المشكلة العام الماضي، والإجابة طبعا تكون صرح مصدر مسئول أن الحلول الجذرية لهذه المشكلة، تكون بتنفيذ خطة الحكومة في تحديد الأولويات وبرمجة أوقاتها، إلا أن ما تسبب في الإخفاق، هو عدم مبالاة المواطنون في تبني الأفكار الإستراتيجية التي تقترحها الحكومة، وعدم الكف عن مهاجمتها إعلاميا، ولجوء بعض المسئولين في بعض الأحيان إلى التراجع عن تنفيذ الخطة، وإصرارهم على تطبيق سياسات تقليدية انفرادية، تتماشى مع مصالحهم واعتباراتهم الخاصة.
فمشكلتنا لم تكن محصورة في تحرير أسعار المشتقات النفطية، بل ظهرت مشكلة الكهرباء، ولم تنتهي المشاكل برفع الدعم الحكومي عنها، بل أصبحت المشكلة اليوم في قدرة الحكومة في التعامل مع توفير الغذاء للمواطن، بما يتناسب مع دخله وإمكانياته، ولم تقف المشاكل عند هذا الحد، فمع سقوط حبات المطر مع بداية الموسم المطري، صاحت عمان من الفوضى، ويصرح مصدر مسئول على الإذاعة الأردنية، أن حلول مشاكل عمان، قد يحتاج لملياري دينار على الأقل، لتكون عمان مدينة نظيفة وصالحة للعيش، بدون مشاكل في تصريف مياه الأمطار.
فإلى أن تنتهي لعبة اللف والدوران الحكومي، والى أن ينتهي زمن الخوف من الوقوع في حبائل الدولة، والى أن تنتهي سياسات تضييع الموارد الوطنية، أرجو أن يجد التلاميذ في المدارس لعبة غير كرة القدم، لان المستوحى من اللعبة، أن الحكومة ستركل المواطن بأقدامها حتى يدر لها دخلا، تستطيع من خلاله البقاء واقفة على أقدامها، إن انطلى على كرة القدم ما انطلى على لعبتنا القديمة طاق طاق طاقية.
kayedrkibat@gmail.com