04-11-2013 05:25 PM
بقلم : سامي شريم
السُلطة بمفهومها العام هي مجموع المهام التي تُمارسها الدولة من خلال شخوصها و أدواتها ومؤسساتها وسياساتها، وتوزع المهام إلى كبيرة وهي التي تُسند في العادة إلى كبار القوم ومتوسطة وصغيرة ، وتُوزع على الأشخاص حسب أهليتهم وخبرتهم وأقدميتهم في الأنظمة الديمقراطية ، وحسب ولائهم وانتمائهم للقيادة بغض النظر عن المؤهل والصلاحية في الأنظمة الأخرى وقد تم تصنيف المهام المُناطة بشخوص الدولة لتندرج تحت ثلاث عناوين للسلطة هي التنفيذية والتشريعية والقضائية وأُضيفت الصحافة كسلطة رابعة بعد تطور مفهومها لتصبح شريكاً في إدارة الدولة من خلال دورها الرقابي المُكمل لدور سلطات الدولة الثلاث وتطور مفهوم إدارة الدول بحيث لم يعد مُقتصراً على الأشراف والنبلاء بل اصبح يُشاركهم الفقراء وأبناء الحرائين بعد أن اصبحت السلطة التشريعية تشكل بالإنتخاب الحر عبر صناديق الإقتراع بعد أن كانت مجرد مجالس للشورى والرأي في دول العالم الثالث تُعَينُها وتختار شخوصها الحكومات ، ولازالت بعض الدول تعمل ضمن هذا الإطار ، وهكذا يتم بناء هيكلية الإدارة أو الهيراراكية التنظيمية كما يحلو للبعض تسميتها.
وفي مجال قيادة الدول عُرف نظامان للقيادة النظام الملكي والذي أُستثني القائد الأعلى للدولة من موضوع تداول السلطة بحيث تنحصر قيادة الدولة بالملك وتنتقل بالوراثة إلى الابن الأكبر أو الشقيق الأكبر حسب دساتير تلك الدول والنظام الرئاسي الذي يصار فيه إلى تداول السلطة بضخ دماء جديدة من خلال الإقتراع في العادة كل أربع سنوات ولا يُسمح للرئيس في بعض الدساتير أن يترشح لأكثر من دورتين ما لم يكن قائداً فَذاً مُلهماً ينتخبه 99.9 % من أبناء شعبه ليبادله الوفاء بالوفاء ليستمر ويستمر ويستمر ......
أسوق هذه المقدمة لاستعراض وضع الدولة الأردنية في ظل أنظمة الحكم المعروفة ولمعرفة كيف يتم تشكيل السلطات الأهم في البلاد وسأقتصر الحديث عن السلطتين التنفيذية والتشريعية بعد تعديل قانون المطبوعات ليتوافق التشخيص مع مواد القانون لضمان استمرار الكتابة في الهواء الطلق وفي بيئة مناسبة ، وسيكون الحديث في اختيار المواقع الأولى في السُلطتين وزراء نواب اعيان روؤساء هيئات ومجالس أُمناء عامين ومدراء عامين، وسأستثني الأجهزة الأمنية والجيش والدفاع المدني وهيئة المرئي والمسموع إذ تُوفق القيادة دائماً في اختيار من تتوسم فيهم الكفاءة و الإنتماء والقدرة والتأهيل اللازم لهذه المواقع واللهم لا حسد !!! أما اصدقائنا النواب والوزراء والأعيان ودولة الرئيس فليُوَسِعُوا صدورهم قليلاً لما سأقول فجلهم أصدقاء وكما قيل الزلة لا تليق إلا من الصديق .
فبالنسبة للسادة النواب وفي ظل قانون الانتخاب الحالي والذي اصبح لدى القاصي والداني قناعة تامة بأنه قانون قاصر لا يستطيع أن يفرز سلطة قادرة على القيام بمهامها للحد من تجاوزات السلطة النتفيذية ووضع قراراتها موضع التمحيص والدراسة والمراقبة لحصر التجاوزات والإنحرافات التي وضعت البلاد والعباد في مهب الريح، ومحاسبة اصحابها إضافةً إلى قدرة النائب على القيام بدوره التشريعي النابع من فهم عميق لطبيعة القوانيين والتشريعات المعروضة لنقاشها وإقرارها بما يكفل صيانة المجتمع ورفاه الأمة وبذلك فقد كان لصناديق المال السياسي قرار فرز الكثير من النواب بدلاً عن صناديق الإقتراع ما يكفي للحكم على أداء الكثيرين من أعضاء المجلس الحالي .
وبالنسبة لإختيار السادة الوزراء في حكومة الرئيس النسور الأولى فقط كانت شوربة كما يعلم الجميع تم إدارتها بنصف عدد الوزراء تقريباً !!! مع ذلك صارت الأمور كما كانت تسير بـ 30 وزيراً ما يُشيرإلى أن دمج الوزراء وحذف نصفهم لن يُقدم ولن يؤخر في الإنجاز، حيث بقي معدل العجز ومعدل زيادة المديونية كما كان عليه الحال في العام السابق ، إلا أن البطالة زادت 1% !! وقد عمد الرئيس إلى دمج الوزراء بدل دمج الوزرات فكان الوزير 3 في واحد و4 في واحد في سباق مع شركة نستله السويسرية ومع فك الدمج في الحكومة الثانية والعودة إلى وزير الدولة والذي يُعين في الغالب لتعزيز صلة الرحم وعلاقات الصداقة وحالات إنسانية كما يحلو لبعض الظرفاء تسميتها و رغم توجيهات جلالة الملك بتشكيل حكومة برلمانية بالتشاور مع البرلمان فَهِمَهَا البعض بأنها ستُشكل من أعضاء البرلمان إلا أن جاء الفيتو الملكي الذي منع إشراك النواب والفيتو الرئاسي الذي منع إشراك من رشحهم النواب للمشاركة في الحكومة ومع ذلك سمى الرئيس الحكومة برلمانية من باب الإلتزام بالخطاب الملكي وانتزع ثقة النواب بعملية أشبه ما تكون بالقيصرية و بمساعدة صديق .
إلى أن وصلنا إلى مجلس الأعيان والذي غلب على تشكيله طابع الصفقات وظهرت جلية حالات الاحتفاظ بكرسي العائلة داخل المجلس فعُين الزوج بدل الزوجة واصبح عيناً وعينت الزوجة بدل الزوج واصبحت عيناً وعُيّنَ الأخ بدل الأخت واصبح عيناً وتم استرضاء من تم استبعادهم من مناصب نتيجة لخطأ أو تصفية لحساب وعاد كثيراً ممن أُتهموا بالفساد وكانوا مادة دسمة للسخرية والتندر في الصالونات السياسية ، واستبدل رئيس مجلس الأعيان الذي يتمتع بإجماع الشعب الأردني بكافة أطيافه السياسية والإجتماعية بآخر أقل ما يُقال عنه أنه شخصية جدلية لا يتفق عليها اثنان، وجيء بالكثيرين من أصحاب المعالي وإن كان تعينهم وفقاً للدستور إلا أن الكثير منهم ممن وصلوا إلى كرسي الوزارة بالصدفة أو في إطار المحاصة وصلة الرحم والحالات الإنسانية إياها بعيداً عن الكفاءة والقدرة والتأهيل التي يستلزمها عمل العين باعتبار دقة وأهمية الدور التشريعي المنوط به وما يحتاجه من الخبرة والدراية كمدقق للتشريعات و القوانيين حتى لا يكون المنصب لطبقة محددة بذاتها مهيمنة مُهِمَّتُها اضطهاد باقي الطبقات وإغتصاب حقوقها واستبعاد الكثيرين من أصحاب الخبرة والكفاءة والمؤهلات بما يجعل مُخرجات المجالس بمُجملها مشاريع قوانيين تستلزم التعديل بمجرد صدورها بدلاً من أن تكون قوانيين ناضجة وتضيع الجهود المبذولة وتذهب أدراج الرياح وأخشى ما أخشاه أن تؤدي زيادة معدلات البؤس واليأس إلى حالة من الإستعصاء السيكولوجي الذي يؤدي إلى حالة من استعصاء التعايش السلمي بين أبناء المجتمع الأردني تقودنا إلى ربيع أُردني من نوع خاص تصبح فيه الوقفات الإحتجاجية وبيانات الإستنكار وغيرها من الأدوات من الزمن الماضي حمي الله الوطن شعباً وأرضاً وقيادة والله من وراء القصد.