حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,23 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 25304

وزارة للسعادة الاجتماعية

وزارة للسعادة الاجتماعية

وزارة للسعادة الاجتماعية

11-11-2013 09:43 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور شفيق علقم
في ظل معطيات ما حدث وما يستحدث وما هو كائن في فنزويلا من غرائب وطرائف ونوادر وعجائب واساطير وبدع ، نستطيع ان نقول انها بلد المفاجآت فعلى ارضها عجائب " شلالات انجل " اغرب شلالات العالم واعلاها ،وهي احدى عجائب الدنيا ، وفي اجوائها غرائب العاصفة الابدية ، تلك الظاهرة الغريبة الفريدة التي حيرت العلماء في تفسيرها ،وثمة في مجتمعاتها طرائف " مسيرة الزومبي " الموسمية ،وهي مهرجان المتنكرين بأزياء الاحياء الاموات ؛ حيث يحمل المشاركون الاوتاد والخناجر المضرجة بالدماء ، فيما تبدو وجوههم شاحبة تحمل ندوبا وملطخة بالدماء ، وبين ظهرانيها اغرب الجرائم حيث ثمة ما يسمى عصابة " البيرانا " المتخصصة بسرقة شعور النساء وبيعها إلى صالونات التجميل ؛اذ تتربص هذه العصابة بالنساء في مراكز التسوق لتنجز مهمتها ،ومن خرافاتها اسطورة شبح تشافيز الذي منع مهاجم كولومبيا من احراز هدف في فنزويلا ، ومن بدعها تخصيص يوم للوفاء والحب لتخليد تشافيز ، ومن قوانينها نوادر السماح للسجناء بممارسة كل ما يشاؤون وما يحلو لهم من الاعمال الا الهروب من السجن - مع ان السجن سجن ولو كانت عتباته من ذهب – كما يقولون ، ان الامور في كل ذلك لا تبدو وردية ، الا ان بعض المستجدات الاخرى كاستحداث وزارة للذكاء سبق ان تحدثنا عنها ،واستحداث وزارة للسعادة الاجتماعية التي هي غاية حديثنا اليوم ، لا شك انها تبدو وردية في نظر الساعين الى التطور والتقدم ، حيث تفاجؤنا فنزويلا بهذا الاستحداث المثير وغير المسبوق والنادر ،لكنه وان كان غير مألوف او غريبا فليس إلى حد الاستنكار والاستهجان او الاستهزاء كما يحلو للبعض وصفه ، حيث ان هذا الاستحداث المتقدم اجتماعيا ، والسابق لاوانه وزمانه، ولو في عالمنا العربي ، يبدو مرغوبا فيه ومحببا ،لانه من اسباب النهوض والتنمية، ولا يمكن وصفه بغير الواقعي ، كما في تفسير بعض الحكومات او رؤيتها ، فهو يشكل بادرة حديثة تطويرية على مستوى الخدمات الاجتماعية والانسانية ،اذ من حق الشعوب والمجتمعات على حكوماتها ان تسعى إلى تحقيق السعادة والرفاهية لها، من خلال تحقيق العدالة الاجتماعية ، والمساواة بين جميع شرائحها ،وتوفير فرص العمل، وتحقيق متطلبات الامن والسلامة والطمأنينة ،وليس الاكتفاء بفرض الضرائب ورفع الاسعار والتسلط وايذاء الناس كما هو واقع حاليا.
ان استحداث وزارة للسعادة الاجتماعية مطلب شعبي وجماهيري وانساني وتطوري ؛ فهو حق من حقوق الانسان ليس في فنزويلا فحسب ،بل وفي كل دول العالم وحكوماته، فالمادة (25) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان تنص على ان لكل شخص حق على حكومته يتمثل في توفير مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهية له ولاسرته ، وبخاصة على صعيد الماكل والملبس والمسكن، والعناية الطبية، على صعيد الخدمات الاجتماعية . ومما يذكر ان من مهام هذه الوزارة المستحدثة توفير احتياجات المواطنين ،ولا سيما كبار السن والاطفال، وتوسيع نطاقها لتنفيذ برامج الرفاه الاجتماعية لعامة الناس ،وبخاصة الفقراء منهم ،والتنسيق بين برامج مكافحة الفقر عن طريق زيادة حجم الانفاق الحكومي على البرامج الاجتماعية، وان تهتم بذوي الاعاقة، والاشخاص الذين لا مأوى لهم ،ومواصلة بناء الامن الاجتماعي ،وتعزيز السياسات الاجتماعية، وتنفيذ برامج الرفاهية الاجتماعية ،وحفظ كرامة الناس لان الكرامة والسعادة صنوان لا يفترقان.
ان السعادة حقا هي الطريق إلى تطور البلدان والشعوب وازدهارها ،فاليابان وسويسرا خير مثلين يؤكدان ذلك، فقد تحولت الاولى إلى مصنع عائم فوق المياه رغم قلة مواردها الطبيعية ووعورة اراضيها ،حتى غدت ثروة اقتصادية عظمى ، وذلك بفضل سعادة شعبها وتمتعه بالامن والنظام الفائقين، اما الثانية فبالرغم من ان لا موانئ لها ، فانها تمتلك اكبر اسطول من البواخر في العالم ، وتنتج افخر انواع الشيكولاتة بالرغم انها لا تزرع الكاوكاو على اراضيها الوعرة .
لاجرم ان السعادة مطلب كل انسان ، اذ يقول ارسطو الفيلسوف اليوناني المعروف" ان السعادة هي هدف البشرية الحقيقي " يسعى كل انسان لتحقيقها بفكره وجهده وماله وحاله ،ولكن يتفاوت الناس في السعي لتحقيقها ، فكل يطلب صيدها لكن الشباك مختلفة ، ويقال ان الانسان يمكن ان يحصل عليها عندما ينسجم مع نفسه ويتصالح مع ذاته ويتآلف مع مجتمعه، ولكن ليس ذلك سهلا ما لم تكن ثمة سلطة او وزارة تسعى للتخطيط ووضع البرامج الحقيقية لتوفيرها إلى مجتمعاتها كافة .
في دراسة حديثة عن اسعد الشعوب على وجه الارض ، واسباب سعادتها ،اعدها معهد الارض التابع لجامعة كولومبيا ، وجد ان اسعد شعوب الارض هي تلك التي تعيش في شمال اوروبا ،وبخاصة الدول الاسكندنافية التي هي شعوب النرويج والدانمارك والسويد وفنلندا ونيوزيلندا بالاضافة إلى استراليا؛ لانها هي الاكثر تمتعا بالحريات والامن والاستقرار والاداء الاقتصادي العالي ،والتمتع بالصحة ، ونصيب الفرد من الناتج الاجمالي العالي ، والرضا التام عن المستوى المعيشي ،والثقة فيما بين المواطنين ،وايجابيات العلاقات الاجتماعية ،والانظمة الاقتصادية الافضل، والريادة في الاعمال، وتوفير فرص العمل ،والتنمية المستدامة، والاعلى متوسط الاعمار ،وحرية القيام بخيارات في الحياة، والكرم والتحرر من الفساد بل وغياب الفساد كليا ،والتمتع بالحرية السياسية ،وقوة تداول الشبكات الاجتماعية ، وكل ذلك كان من اسباب الارتياح والشعور بالسعادة في الحياة لدى هذه الشعوب السعيدة ، واما على المستوى الشخصي ؛ فهم الاكثر تمتعا بالصحة الجسدية والعقلية ،والاستقرار النفسي والوظيفي والاسري .
ان دليل السعادة العالمي يقدم لنا برهانا على ان القياس والتحليل المنهجي للسعادة يمكن ان يعلمنا الكثير عن الكشف عن طرق السعادة والتنمية والرفاهية المستدامة للشعوب ، فالسعادة تقاس بمدى رضا الناس العام عن حياتهم وخبرتهم الحياتية ومدى شعورهم بالاحترام والتقدير في مجتمعاتهم ودولهم وسهولة الحياة لديهم .ان عوامل السعادة الاساسية لا شك تؤدي إلى الازدهار والديمقراطية وممارسة الحريات، فالناس يعيشون بسعادة اكبر في الدول الاكثر ازدهارا على الصعيد الاقتصادي، والتي تتمتع بديمقراطية سياسية وحكم عادل ،كما ان ممارسة الحريات المختلفة عامل اساسي اخر.كما انه ثمة اسباب اخرى تجعل الشعوب اكثر سعادة ورفاهية ،منها اجواء التسامح وزيادة القدرة الاستهلاكية ، والجو الثقافي العام ،وانخفاض نسبة الجريمة ،والوضع الديمقراطي، والتربية القويمة ،ونوعية المؤسسات في الدولة، وممارسة القانون والنظام ،واسلوب الحياة الحضري ،والسياسات المعتمدة واحترام القيم.
ان سعادة الشعوب ترتبط كثيرا بنوعية المجتمعات في بلادها ،فترتبط فعليا وجديا باحوال البلد ،وحياة الافراد الذين يعيشون فيه ؛ فالشعوب السعيدة تتمتع بمستوى افضل على الصعيد الصحي والانتاجية والاستهلاك.
تقول دراسة اخرى في جامعة كاليفورنيا ان اربعة اشخاص من كل خمسة من الدول الصناعية الحديثة هم سعداء ومرحون، لذلك تتطور دولهم بوتيرة سريعة، فالسعادة ليست شعورا مقصورا على الاشخاص، بل يمتد ليشمل الامم ،اي ان الامة التي لديها اكبر عدد ممكن من الاشخاص السعداء هي امة لاشك سعيدة، واكثر قدرة على التطور وعلى اتخاذ المواقف الديمقراطية ،وبناء الامن الاجتماعي، وتنفيذ السياسات الاجتماعية ،ومساعدة الاخرين.
ان السعادة رضى، وحالة مستمرة من الارتياح والامتلاء التام ،والتوازن في الجسم والنفس، وتحقيق المرء لكل الرغبات التي يطمح اليها ، وكل سعادة تفترض نوعا من التوازن والانسجام لدى المرء على صعيد تحقيق رغباته وحاجاته،كما ان العلاقات الاجتماعية الناجحة ، وطريقة التفكير السليمة هي مفاتيح السعادة ،والعامل الرئيس الخارجي الذي يؤثر على سعادة الاشخاص هو نوعية علاقاتهم بالمنزل وفي العمل وفي المجتمع، والعامل الرئيس الداخلي هو قدراتهم الذهنية ،وتشمل توصيات الجماعة بشان كيفية البقاء في حالة معنوية مرتفعة ،كما ان ممارسة التمارين الرياضية والسعي لتحقيق الاهداف تجلب السعادة،
ان الحكومات الواعية هي الاكثر اهتماما بتقييم الرفاهية الوطنية باستخدام بيانات خارج التدابير الاقتصادية التقليدية للمساعدة في تشكيل السياسة، اما اولئك الذين يهزؤون من استحداث مثل هذه الوزارة، ويهزؤون باستحداثها وبخدماتها ويقولون انها اضغاث احلام، انما يلبسون عباءة الثعالب ،ويضعون وجوها تنكرية لمجتمعاتهم ،فذكاؤهم لا يعدو ان يكون ذكاء قارئة الفنجان او ادنى ،انهم اولئك الذين يضعون العصي في دواليب الانجاز والتقدم والتطوير، ويقفون حجر عثرة في مداخل اعادة البناء والازدهار والتقدم ، ويبدعون في ادخال النكد والاحباط والبؤس والحرمان إلى نفوس الناس ، اننا في العالم العربي وفي ظل ما يسمى بثورات الربيع العربي ، يتوق انساننا العربي إلى من يتوجه إلى عقله وقلبه بذكاء ،ويجلب له السعادة والامن والامان ،والطمأنينة وراحة البال.








طباعة
  • المشاهدات: 25304
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم