16-11-2013 11:08 AM
بقلم : أيمن موسى الشبول
لن أنسى صورة الملك الراحل : الحسين بن طلال وهو يتفقد القوات الأردنية المتأهبة للدفاع عن تراب وطننا الغالي غداة الحشود الكبيرة للجيش السوري على حدودنا الشمالية في عام ١٩٨٢م .... لقد كان قلب الملك الراحل يعتصر ألما” وكانت الدموع تنهمر من عينيه وهو يصافح الجنود الأردنيين المتأهبين لحماية الوطن من شبح اعتداء هم به الأخ والشقيق والجار السوري ... وبكل ألم وحسرة„ ومرارة حاول الملك الراحل أن يرفع من معنويات الجند ومن عزيمة الرجال المقاتلين في الجيش العربي الأردني ...
في تلك الفترة كنت طالبا” في المرحلة الأعدادية ولكن ورغم صغر سني فانني لم أجد صعوبة في فهم سر تلك الدموع وادراك حقيقة هذه المشاعر عند جلالة الراحل ؛ وأدركت بأنها دموع القائد الذي انحرف ـ مكرها” ـ عن وجهته ، وأدركت بأنها دموع العربي الصادق مع أمته والوفي لدينه ولعروبته ، وهي دموع الهاشمي الملتزم بمبادئه والحريص على تحرير فلسطين وعلى تحقيق الوحدة العربية الكبرى ...
فالجيش العربي الاردني هو عند الهاشمين لحماية العرب ـ كل العرب ، وقد أسس ليذود عن أوطانهم وليحمي كرامتهم وليصون مستقبلهم وليحقق مجدهم ، فكيف سيوجه هذا الجيش العربي فوهات بنادقه لقتل المسلم والشقيق والعربي !!! لكل تلك الأسباب فقد انهمرت دموع الحزن والمرارة والأسى من عيني جلالة الملك ... أيها الشريف الهشمي يرحمك الله ؛ فلو كنت بيننا اليوم ثم شاهدت حال ومآل هذه الأمة العربية وما حل بها من تشرد وشىرذم وتيه وضياع لما عرفت النوم ولما ساغ لك الطعام ولا الشراب ...
وأنا أرقب أحوال هذه الأمة اليوم تذكرت حكمتك وفطنتك ، وأنا أشاهد تيه وضياع هذه الأمة اليوم تذكرت دهائك وحسن تدبيرك وذكائك ...
رحمالله يا حسين ؛ فقد غابت العروبة بغيابك ، واختفت الرجولة باختفاءك ، ثم نهبت أوطان العرب واستبيحت ثروات العرب ، وتكالبت الأمم على العرب تكالب الأكلة إلى قصعتها ؛ حيث تنادى لديارنا الشرقي والغربي والتركي والفارسي واليهودي والامريكي والصيني واختفى من ديارنا العقل العربي والقلب العربي وغابت من حياتنا الأصالة العربية والحكمة الهاشمية ...
عندما ينعدم الرجال أتذكرك يا حسين ، وعندما تتوه البوصلة العربية أتذكرك يا حسين ، وعندما يغيب العقل من رؤوس الرجال أتذكرك يا حسين ... تغمدك الله بعظيم رحمته وأسكنك فسيح جناتة .