24-11-2013 04:51 PM
بقلم : عيسى عثمان مبيضين
غادر الوطن يحمل في قلبه عشقا اردنيا ونموذجا شريفا ومخلصا,وبقية راتبه,غادر عمان مبقيا سراجه مضاءا ونوره لم يتلاشى ,وعظيم صنائعه لم يسرقها الغادر القاتل الجبان,حينما اطلق رصاصات الحقد على شيخ شهداء الاردن ...وصفي التل,فسلام على روحك الطاهره,وسلام على كل ذرة تراب تحتضن جسد اخو عليا.
اثنان واربعون عاما على رحيلك المؤلم,فانت الذي صنعت تاريخا اتعب من بعدك ,وستبقى مدينة وصفي التل الفاضلة التي انشاتها بحبك لوطنك وتفانيك ورجولتك وغيرتك على فلسطين الحبيبة,حلما يعجز غيرك عن تحقيقه,ولتبقى انت وانت دون منافس ,ولتبقى كلماتك راسخة في التاريخ والذهن ولنعلمها لمن بعدنا حتى يحترمنا التاريخ,او لست القائل (ان الاردن ولد من النار....لم ولن يحترق),او لست القائل (ما دام السراج فيه زيت ...خليه ضاوي),اولست القائل حينما تعرضت الرمثا للاعتداء(لا حد وانا اخو عليا...الرجل منا بميه),او لست انت القائل حينما استشهد هزاع(اذا مات منا سيد...قام سيد),او لست انت من استشهد وبجيبه الايسر ستون جنيها وغليونك الجميل لاغير,او الست انت من يدفع قروض المزارعين من راتبه,او لست انت الذي مت وانت مديون ..
وصفي التل اردني الهوى والهوية,شمالي الاصل والفصل,يمتد نسبه ليمزج بين العرب والعجم ,بام حرة كردية انجبت ما قل ان تلد النساء ان تلد,تلقى علمه بمدارس الكرك والسلط وتخرج من بيروت,وعاد يحمل حلما عربيا اردنيا ليرى فلسطين محرره ,فكان الطرد له من الجيش البريطاني,ليبقى بعدها جنديا مقاتلا في فلسطين من النكبة الى النزوح..
وصفي التل,المزارع الفلاح والجندي المقاتل والكاتب والمحلل والسياسي الفذ,والمسؤول الوطني بامتياز,طالته يد الغدر في القاهرة لتعلن نهاية احلام وطموحات,ولترفع يومها الرايات السود على بيوت الاردن وفي شوارعها,لان الوطن حينما يفقد وايما فقدان يئن ويئن ويبقى مجروحا نازفا,فبعدك ايها البطل لم يبقى في التاريخ لا سيف ولا وصفي.
وصفي التل حالة استثنائية في تاريخ الاوطان والشعوب,قدرها ان لا يطول عمرها,ولا يكبر حلمها ,ولكنك اسمك التصق بفعلك وصورتك البهية يا صاحب الشارب الكث والبدلة الكاكي,ما زالت تزين بيوت وقلوب الاردنيين..
ابا مصطفى,,اما لو تركت لنا عقالك الذي ضربت به موظفا,اضاع مال المهمة الرسمية في ملاهي ومراقص بيروت ,لنضرب به بعضهم.
وصفي التل,يا رفيق الملك الحسين,ويا صاحب هزاع وحابس ,اوجعنا الغياب ,فلا القمح يزرع ولا الشعير يبذر ولا الفاكهة تكفي ,ولا جبهة النفط التي كنت تطمح ان تجنيها من الخليج موجودة.
وصفي التل...الذي رفض ان يستمع لرأي حيتان لرفع سعر الخبز والسكر قائلا(ان ابناء بلدي يعتمدون بشكل مباشر على الخبز والشاي في وجباتهم اليومية,وتريدونني ان احرم شعبي لقمة الخبز,والله ما فعلتها وانا على قيد الحياه).
ابا مصطفى لن ابوح لك بما حصل ويحصل ولتبقى قرير العين بحبنا الابدي لك...
لن اطيل,فقد كتبت ما كتبت لاني لا اجرؤ ان تتعدى الذكرى المؤلمة دونما وقوف عليها,وفاء للراحل الشهيد البطل.
رحم الله وصفي التل .... فوصفي ...قصة وطن عشقناها