27-11-2013 10:16 AM
بقلم : أيمن موسى الشبول
في العام الماضي وكما في هذا العام تمر ذكرى استشهاد البطل وصفي التل مرورا” اليما” على الاردنيين ؛ بعد تهافت المصاعب والمتاعب عليهم ، وبعد المشكلات الداخلية والخارجية التي داهمتهم ...
فعلى الصعيد الداخلي تفاجأ الاردنيون بخزينة دولتهم الخاوية ، ثم تفاجئوا بأنهم المعنيون بسداد المديونية ، واصلاح الميزانية ، ومعالجة الوضع الاقتصادي المتدهور ، وتم الضغط عليهم من قبل الحكومات المتعاقبة خلال سعيها لمعالجة الوضع الاقتصادي الخطير ؛ فتم رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء ، وتم زيادة الضرائب المفروضة على بعض السلع ، مما ولد ضغوطا” هائلة” على الفقراء والمساكين ، وفي الجهة المقابلة ظل الفاسدون فرحون بما نهبوه وما سرقوه وراحوا يجوبون هذا العالم : كمستثمرين بارزين ورجال أعمال ناجحين !!!
أما على الصعيد الخارجي ؛ فحدث ولا حرج ؛ فقد تواصل الاقتتال بين أبناء البلد الواحد وبين الأخوة والاشقاء ، كما أن الجرح العربي لا زال ينزف بكل قوة بسبب ودون سبب ....
كما ضاعف أعداد اللاجئين العرب من معاناة الأردنيبن ومن متاعبهم ، بعد أن استنزف هؤلاء موارد الدولة المحدودة وما تبقى من امكانياتها المنهوبة ، ولتزداد بعد ذلك الضغوط والمشاكل الملقاة على المواطن الأردني الفقير والمنهك في كل مناحي الحياة ...
لم أكن من الذين عايشوا الشهيد وصفي التل ؛ ولكنني وكواحد من هذا الشعب الأردني الوفي فقد أحببته وأكبرت له وفائه وصدق انتمائه وغيرته الحقيقية وعطائه المتواصل وتضحياته ؛ وكيف لا يحبه الاردنيون وهو الذي حمل الوطن الأردني في قلبه ووجدانه ؟ وكيف لا يحبه الاردنيون وهو الذي حمل همومهم بصدق وتلمس أوجاعهم بحق ؟ وكيف لا يحبه الاردنيون بعدما عاش حياته لأجلهم ثم ختم حياته من أجلهم ؟
روايات كثيرة سمعناها من الآباء ومن الأجداد ، وروايات كثيرة تناقلتها ونقلتها الأجيال الاردنية لنا ، وكلها تمجد الشهيد وتستذكر مآثره وتفتخر بما قدمه وتخلد له بطولاته العظيمة وتضحياته ، قصص في البطولة جعلت أحرار الأردن ينحنون تقديرا” لرجولته ولبطولته الفذة وعطاءه ، وأمام سجل وصفي التل الأبيض والناصع وأمام اخلاصه الحقيقي للوطن وأمام صدق انتماءه وعطاءه فلا يملك المواطن الأردني الأ التصفيق ثم التصفيق اكراما” لتاريخه الحافل بالانجازات الكبيرة وتقديرا” لعهده المشرف لجميع الاردنيين ...
وانني أدعو الله تعالى لهذا الشهيد بالقبول والرحمة والظفر بالفردوس والجنان ، وأسأل الله تعالى بأن يهب للأردنيين بطلا” يكون على شاكلته ويسير على نهجه ويستلهم خطاه ، ليكون عونا” لهم على أهل الظلالة وعلى ملة النفاق والشرك والكفر والفجور ، وليقف مع هذا الوطن ومع أهله الطيبين في مواجهة الفاسدين ومقاومة المفسدين ، والذين تلاعبوا بمقدرات هذا الوطن حتى فرضوا الشقاء والعناء ثم جلبوا البؤس لمواطنه المسكين ...
كنت قد شاهدت بعض الحوارات التلفزيونية والتي ناقشت مآثر شهيدنا البطل ؛ ودوما” كانت البسمة العفوية ترتسم على عيون ووجوه الأردنيين كلما نطقت ألسنتهم باسمه أو مر في خيالهم طيفه أو جالت في نفوسهم ذكراه ، ولا غرابة في هذا الأمر ؛ فان اسمه قد ارتبط بأيام المجد والكرامة والعزة والاباء ، وان تاريخه قد ارتبط بالتضحيات والبطولات العظيمة والانتصار ، وان حياته قد حملت للأردنيين كل معاني الايثار والفداء وكان خاتمتها الارتقاء والشهادة ...
إنه الحب الحقيقي الذي سكن في نفوس كل الاردنيين وخلا من الدجل والكذب والنفاق ، وهو الحب الذي اجتمع الاردنيين حوله ، وهو الحب الذي جعل الانسان الاردني ورغم كل الضغوط المعيشية ورغم الفقر والجوع يرفع رأسه شامخا” كلما مر هذا البطل الخالد في قلبه وفي عقله ووجدانه ...
لقد افتقده الاردنيون في ليلهم الاسود والحالك ؛ وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر ، لقد افتقده الاردنيون عندما ساد الخداع والكذب عند الكثيرين فأصبح الانتماء مجرد شعار وأشعار وحب الوطن هو كلمات وأغنيات ...
إنه القائد الذي عاش للأردنيين : يمهد لهم الدروب ويهون الخطوب ويذلل الصعاب ويقتل الذئاب ؛ إن قلوب الأردنيين وعقولهم تنادي في كل يوم وليلة : أين من حمل الوطن في قلبه وفي عقله ؟ أين من جعل المواطن الاردني في قلبه وفكره ؟ أين من أعال الفقير ورحم الصغير وآوى المسكين وداوى العليل واحتضن الشيخ الكبير ؟
كنت قد قرأت يافطات مرفوعة” خلال جنازة الشهيد وصفي التل مكتوب عليها : إن كان وصفي التل قد مات فان في الاردن الالاف من أمثال وصفي ... ولكن السؤال المطروح اليوم وبعد أكثر من أربعة عقود على رحيل هذا البطل الأردني هو : أين هم هؤلاء الآلاف يا ترى ؟
هل هم غائبون أم مغيبون ؟ أم أن النساء الأردنيات قد عجزت أن تقدم لهذا الوطن مثل وصفي ؟؟؟