بقلم : د.عبدالله عامر البركات
أول ما يلفت انتباهك عند دخول هذه القرية هو نظافة شوارعها. وهي ميزة لم تعد تحظى بها اغلب الاحياء الراقية في المدن. لكن هذا هو اول القصة . كنا ذاهبين لتقديم واجب العزاء لوفاة أحد رجالاتها يرحمه الله. وقد سألنا عن بيت الاجر فقالوا لنا انه في المسجد. ذهبنا الى هناك ووجدنا المكان يغص بالمعزين. انه الطابق الارضي من المسجد المخصص لمناسبات العزاء. استقبلنا ابو حسن الرحابنة واقرباؤه الكرام. ليس في القرية مضافات مع ان القرية تضم عددا كبيرا من العشائر وليس فيها نوادٍ ايضا. كل الناس يقيمون مناسبات العزاء في قاعة المسجد.يقوم صاحب مناسبة العزاء بالتبرع للقاعة والمسجد كل حسب طاقته دون الاعلان عن ذلك. كما تهيئ لجنة خاصة عدد من القبور لتكون جاهزة عند الحاجة وعلى حساب التبرعات المذكورة. وهذا ليس كل شيء ايضا. دعوني أكشف لكم سر نظافة القرية. أولا. فقد شكل شبابها فرق للتنظيف تضم كل فئات المجتمع من الطبيب الى دكتور الجامعة وكلهم برئاسة عامل التنظيفات في القرية والذي يقسم الادوار ويصدر الاوامر والتوجهايت للجميع. وايضا هذا ليس كل شيء. هناك ايام واسابيع يقام فيها مكتبة في القاعة نفسها حيث يحضر الناس ما لديهم من كتب وتسلم للجنة المكتبة التي تقوم بتسجيلها ثم اعارتها الى من يريد والذي يقوم باعادة الكتاب بعد فترة محددة ثم ترد الكتب الى أصحابها. وهذا ليس كل شيء ايضا. بعد وفاة أحد الفضلاء الذين كان لهم جهد في تنظيم فرق الشباب قرر هؤلاء زراعة منطقة اميرية بالاشجار وتسميتها باسم الفقيد رحمه الله. وقد حصلت لجان العمل التطوعي على جائزة مهمة من جهة شبه رسمية تقديرا لجهودها . لعله لو طال بنا الجلوس لدى ابي حسن لحدثنا عن مزيد من الانجازات الرائعة ولكن طبيعة المناسبة لم تتح لنا معرفة اكثر مما حدثتكم به.
والسؤال البسيط الذي يلح علي هو ما الذي يمنع باقي قرانا واحياء مدننا من ان تكون مثل قرية كفرعان.