01-12-2013 04:43 PM
بقلم : أ .د غالب محمد الشاويش
إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ[) سورة الرعد : آية : 11
إن الله تبارك وتعالى بكمال عدله وحكمته ،لا يُغير ما بقوم من شر إلى خير، ومن خير إلى شر، ومن شدة إلى رخاء، ومن رخاء إلى شدة، حتى يغيروا ما بأنفسهم. فالنزاهة لا تتحقق إلا مع التغيير.
إن موضوع النزاهة ، موضوع قديم جديد ، فالنزاهة مرتبطة بحرف ( الهاء ) في هذه الأيام ، فالهاء من معانيها : البعد مأخوذة من ( هيهات ) . ولو رجعنا لأهل النزاهة في عصور قد خلت ، لوجدنا النزاهة متلازمة مع الرجل الصادق الأمين ، فأعطني رجلا صادقا أمينا ، تجد النزاهة بين برديه .
فهذا عمر بن الخطاب عندما ولي أمر المسلمين قال لهم : أرأيتم إذا استعملت عليكم خير من أعلم ثم أمرته بالعدل أكنتُ أبرأتُ ذمتني .. قالوا نـعم .. قـال : لا .. حتى أنظر في عمله فهل عمل بما أمرتهُ أم لا ؟ ثم يقول : أي عامل ظلم أحدا من الرعية ، وبلغتني مظلمته ، ولم أغيرها فالظالم أنا .
وكان عمر ــ رضي الله عنه ــ يتابع ولاته ، مع ثقته بهم ، فيقول لأحدهم : افتح للناس بابك ، وباشر أمورهم بنفسك ، فإنما أنت رجل منهم ،غير أن الله جعلك أثقل منهم حملاً.
وكتب إلى واليه في مصر عمرو بن العاص يقول له : بلغني أنكَ تتكئ في مجلسك , فإذا جلست للناس، فكن كسائر الناس .
ولشدة نزاهة عمر بن الخطاب ، أنه رفض أن يتقاضى مرتباً عن عمله كرئيس دوله , إلا أن يحتاج فيأخذ .. وسياسته في ذلك حددها بقوله : " أنا في مال المسلمين , كولي اليتيم إن استغنيت استعففت , وإن افتقرت أكلتُ بالمعروف . هذه نزاهته مع الولاة والرعية ، فما نزاهته مع الحيوانات التي لا تشتكي من الظلم ، ومن رفع الأسعار ؟ نعم : كان نزيها معها ، لدرجة أنه كان يقول : والله لو أن بغلة ، أو شاة ، عثرت في أرض العراق ، لكنت مسئولا عنها ؛ لما يا عمر لم تمهد لها الطريق ؟
هذه نماذج من نزاهة أمير المؤمنين ، وعدله خلال حكمه ، فهل يستطيع أحد أن يلحق بهذا القائد العظيم ، ليكسر أرقام النزاهة الوطنية عند أمير المؤمنين ؟