03-12-2013 01:12 PM
بقلم : د. أمجد الركيبات
يكثر في هذه الايام تداول مصطلح "النزاهة" في محاولة للوصول إلى "منظومة النزاهة" وفق معطيات يتفق حولها الشعب الاردني بجميع اطيافه من خلال تجسيد هذا المفهوم على صورة مجموعة من المبادئ والقيم يتم الالتزام بها وتطبيقها عملياً.
إنَّ الحديث عن النزاهة لا يتم بمعزل عن المنظومة الاخلاقية العامة للمجتمع والأفراد كونها تشكل بعداً هاماً من هذه المنظومة التي تعمل على تنظيم علاقات افراد المجتمع وفق قواعد منضبطة وتقف وراء السلوك الانساني، ولا يمكن اعتبار المنظومة الاخلاقية سلوكاً بسيطاً بل هي سلوك مركب يعتمد على العديد من الابعاد المترابطة.
وقد ناقش العديد من علماء النفس والاجتماع قضية تطوير وتنمية القيم الاخلاقية - والتي تعد النزاهة أحدها – ومن أشهر هؤلاء العلماء "لورانس كولبرج" الذي طرح مفهوم العدالة كقاعدة عالمية لفهم الأحكام الاخلاقية، ومع أن هذا العالم لا يعد أول من طرح هذا المفهوم بل سبقه إلى ذلك جميع الاديان السماوية وكثير من الفلاسفة والمنظرين الا أنه تحدث عن تحقيق هذا المفهوم وفق مستويات يمكن الاستفادة منها لترسيخ "منظومة النزاهة"، يتعلق أولها بأخلاقيات الثواب والعقاب ويتجلى هذا المستوى لدى الاطفال دون سن العاشرة فالصحيح عندهم ما تثيب عليه السلطة والخطأ ما تعاقب عليه، ومع أن هذا المستوى يكون لدى الاطفال إلا أنه يستمر لدى بعض الافراد إلى سنوات متقدمة من العمر، ويرتبط المستوى الثاني بأخلاقيات القانون والعرف التي يلتزم بها الناس على اعتبار أن القانون يمثل مرجعاً لحل أي مشكلة وعليه يجب أن يحترم ويطاع ، اما المستوى الثالث فهو الأكثر رقياً ويسمى مستوى ما بعد القانون والعرف ويرتبط بأخلاقيات العقد الاجتماعي والمبادئ الاخلاقية العامة التي تتجاوز حدود الالتزام بالقانون الى الالتزام الذاتي من قبل الفرد لتحقيق مبادئ العدل والمساواة بدافع داخلي لأن المنظومة الاخلاقية الفردية تتطلب ذلك.
إنَّ الاستعراض لبعض الامثلة و المبادئ في النمو الاخلاقي يقود إلى تقديم اشارات قد تسهم في تحقيق مبدأ النزاهة والتي لا يمكن النظر اليها كمفهوم مجرد يمكن تحقيقه ب"بطاقة ذكية" وانما يتطلب ترسيخه مراجعة عامة وشاملة تبدأ بالأسرة واساليب تنشئتها وتمتد للمدرسة ومناهجها والجامعة ومقرراتها والعشيرة وقيمها وغير ذلك من مؤسسات المجتمع ، كما يتطلب ترسيخ المفهوم وضع قوانين وانظمة تكفل وجود عقد اجتماعي منضبط ، كما انه من المهم وجود نماذج حية للنزاهة تشكل قدوة للناس ويمكن قبول افكارها والانصات لحديثها تتولى وضع الأسس والمعايير والبرامج لتحقيق هذا الهدف السامي.
amjadamjad74@yahoo.com