حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 23633

بلاد الشام عليك السلام

بلاد الشام عليك السلام

بلاد الشام عليك السلام

05-12-2013 12:41 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور سليمان الرطروط
تتكون بلاد الشام سياسياً بعد تقسيمها في اتفاقية سايكس- بيكو من سوريا والأردن وفلسطين ولبنان، ولكن جغرافياً تعتبر بعض مناطق المنطقة الشمالية والغربية من المملكة العربية السعودية من بلاد الشام، وأيضاً أجزاء من غرب العراق وشماله كذلك. وعلى الرغم من أهلية تلك المنطقة لتكوين كيان سياسي مستقل ومتكامل وفاعل ، وقدرة سكان تلك المنطقة على إدارة شؤونهم الاقتصادية والسياسية ..ألخ، ويضاف إلى ذلك التاريخ المشترك والثقافة الواحدة واللهجة المتقاربة، واختلاط وتداخل الأراضي، وتصاهر وامتداد القبائل والعائلات، مما يجعله كياناً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً واحداً، رغم كل ذلك إلا أن المنتصرين في الحرب العالمية الأولى وتنفيذاً لاتفاقهم المشؤوم_ على العرب بشكل خاص والمسلمين بشكل عام_ لم يوافقوا على إقامة ذلك الكيان العربي المأمول.
ومن الجدير ذكره أن الملك فيصل قام بتنظيم تلك شؤون تلك الدولة والتي سميت " المملكة السورية" وكان لها دستور ومجلس نيابي وحكومي، وتنظيمات إدارية وعسكرية ...الخ وعلم وعملة نقدية ...ألخ . ولكن على ما يبدو أن ما فعله الملك فيصل كان من باب فرض الأمر الواقع على الحلفاء قبل مؤتمر سان ريمو؛ ولكن اتفاقيات الحلفاء فيما بينهم مقدسة ومقدمة على اي إتفاقيات أو تفاهمات مع العرب. وهكذا انتهت وأسقطت تلك المملكة ، وخضعت شمال بلاد الشام سوريا ولبنان للانتداب الفرنسي، أما الأردن وفلسطين فكانت من نصيب الانتداب البريطاني.
ومنذ تلك الاتفاقية وتنفيذ بنودها، وتقاسم بلاد الشام بين الاستعمار البريطاني والفرنسي، تعيش معظم تلك المناطق في نزاعات وثورات وحروب مستمرة؛ إن توقفت لفترة ما تلبث أن تبدأ بصورة أقوى وأشد؛ مما جعل الاستقرار السياسي والذي يتبعه الاستقرار والنمو الاقتصادي محدوداً، فما أن تنهض تلك الدول حتى تبرز الثورات والفتن ..ألخ مما يطيح بكل ما تم بناؤه من قبل.
ولقد شعر العرب بالخيبة والإحباط فهم إنما ثاروا على الأتراك - رغم قرب الترك لهم جغرافياً وعقدياً _ طلباً للحرية وتنمية للذات العربية، وأملاً في الاستقلال، ولكن النتيجة كانت إستعماراً ظالماً مغايراً لهم في الدين والثقافة والعادات والتقاليد، مما أدى رفض ذلك الواقع واندلاع الثورات الواحدة تلو الأخرى وفي كل مناطق الأقليم الشامي.
ولقد قامت الدول المحتلة لبلاد الشام بإثارة الضغائن والأحقاد ما بين مكونات المجتمع الشامي، وإذكاء روح العنصرية والإقليمية ، وإبراز وتنمية الخلافات المذهبية والطائفية بهدف السيطرة والحكم ، واستدامة نفوذها. ومما زاد الطين بلة ما فعلته بريطانيا_ حليفة العرب !!!_ بإنشاء كيان للصهاينة في جزء بلاد الشام الجنوب الغربي_ فلسطين_، ورغم أهمية تلك البقعة جغرافيا واقتصادياً، إلا أن أهميتها الدينية أرفع من ذلك بكثير، سواء للمسلمين أو المسيحين العرب، ولذا بادر العرب برفض ذلك والعمل لتحرير فلسطين من المؤامرة ولكنهم لم يفلحوا.
ولقد شنت المنظمة الصهيونية العديد من الهجمات الإرهابية قبل عام 1948م وبعد ذلك افتعلت الحروب الخارجية مع تلك الدول، وعمدت لإثارة الفتن والمؤامرات الداخلية لكل دولة، والعمل التنازع والتناحر بين دول الأقليم وشعوبه، هدفاً منهم لإضعاف العرب والمسلمين عن تحرير أرضهم المحتلة، وإشغالهم بأنفسهم، وتعميقاً للخلافات المذهبية والطائفية والإقليمية بينهم. ولكن الصهاينة يرفضون التنازل عن أي جزء من فلسطين التاريخية رغم المحادثات التي استمرت عقوداً كثيرة، والمشاريع السلمية متعددة الأسماء والأفكار، ولكنهم في كل يوم ينتزعون أرضاً عربية الملامح والسمات، ويقتلعون أهلها ، ويخططون لهدم أقدس مسجد في بلاد الشام _ المسجد الأقصى _ قبلة المسلمين الأولى، ويخططون أيضاً للاستيلاء على مقدساتها المسيحية.
ومنذ ما يزيد على سنتين تعيش أجزاء من بلاد الشام فتنة داخلية لم تشهدها من قبل، وانتقلت آثارها السلبية لبقية مكونات البلاد الشام الأخرى، والصهاينة يرقبون ، ويزيدون النار اشتعالاً، ويضخمون الأمور، وكلما ظن المخلصون أن للفتنة نهاية، زادها الصهاينة وأعوانهم لهيباً ؛ لقد دمر الاقتصاد، وقتل الأبرياء، وانتهكت الأعراض، وتفرق الأحباء، وتعطلت مصالح العباد، وزاد الخوف والرعب بين الناس، ولئن ظهر الاستقرار في جزء من بلاد الشام، إلا أن الآثار المفزعة عن الفتنة لن تكون قليلة عليه، وربما هدد ذلك الأمن والأمان.
ولا أظن أن الفتنة والحرب الداخلية أياً كان سببها ومبرراتها يجلبان الخير لبلاد الشام، وخاصة مسجدها المبارك. ولا يمكن كذلك للنمو والازدهار والتقدم أن ينشأ إلا في ظل الاستقرار والهدوء والطمأنية. ولن يأت تحرير وإقتلاع للمغتصبين في ظل الفرقة والتناحر. ولعل العقلاء من السياسين _ على إختلاف مسمياتهم_ أن يسألوا أنفسهم إلى متى ستبقى الفتنة؟ وما الهدف منها؟ وما الذي جنيناه ؟ أما آن لهذه الفتنة أن تنتهي ؟ ولعل في التفاهمات غير العربية !!! وخاصة التفاهمات التركية الإيرانية ضوء في النفق المظلم لانطفاء الفتنة، وزوال أمرها. قال صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالشام فإنها صفوة بلاد الله، يسكنها خيرته من خلقه، فمن أبى فليحلق بيمنه، وليسق من غدره، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله".
بعد ما يقرب من مائة عام على انتهاء الحكم العثماني لبلاد الشام ألا تستحق خيرة بلاد الله السلام؟
بلاد الشام عليك من الله السلام.
Sulaiman59@hotmail.com








طباعة
  • المشاهدات: 23633
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم