07-12-2013 09:51 AM
بقلم : أيمن موسى الشبول
قد يتأخر الإنسان عن عمله ثم يهرول ليخرج سيارته من كراج بيته بسرعة ثم يتفاجأ بدهس طفله الصغير ، وبعد ذلك يدخل في نوبات شديدة„ من الندم والألم ، ويجهش في البكاء والصراخ والشتم ثم يلعن الشيطان وكل شيء حوله ...
وفي لحظة من لحظات الطيش والضياع قد يقترف الانسان ذنبا” صغيرا” أو كبيرا” ، فإذا أفاق من غفلته واسترجع عقله ، أجهش في البكاء فعزّر نفسه ثم تاب الى ربه وندم على سقوطه المخزي الفضيع في مستنقع المنكرات والذنوب ، ثم يقطع مع ربه عهدا” على عدم العودة لمثل هذه الأفعال الشيطانية أبدا” في حياته ...
وفي لحظة„ من لحظات الانحراف عن الفظرة واتباع النفس الهوى فقد يصيب الانسان اثما” أو يرتكب جرما” ، وما هي سوى لحظات قليلة حتى يعود لرشده ويندم على فعلته ثم يتوب لربه ويخر ساجدا” ومنيبا” اليه ...
كل ابن آدم خطاء وقد يقع فريسة” للشياطين اللعينة من الإنس والجن ؛ فيمنونه ويوهمونه ويغرونه بفعل المنكرات وارتكاب الموبقات ... فإذا استيقظ هذا الضال والمنحرف والآثم صرخ بأعلى صوته : الله أكبر ـ ما الذي حل بي ! ... أنا الذكي يتلاعب بعقلي فلان ، وأنا الفطن يخدعني فلان ، وأنا التقي يفتنني الشيطان اللعين فامسي تائها” في دروب الويل والضلال والهلاك ... !
ثم يدخل في صراع طويل مع النفس ومع العقل والقلب ، وبعد هذا المسلسل المتواصل من الندم والألم ؛ يعقد مع ربه عهدا” بالابتعاد عن خطوات الشياطين ودروب المنافقين ، ثم يلجم النفس ويدفع الهوى بحزم„ وقوة„ ، ويجاهد لاستدراك أمره ولاصلاح نفسه ولتنمية عقله وزيادة ايمانه وتنوير فكره وتهذيب نفسه ...
انها لحظات من الضعف والوهن يتنحى خلالها الايمان عن الانسان ويختفي فيها العقل ويعمى على القلوب لتلتبس الأمور وينعدم التركيز والتمييز لدى الانسان العاقل فيتوه عن الحق الى حيث الباطل والسراب والخراب ، وهي لحظات من الضعف تتغلب فيها الغريزة على العقل وتنحرف خلالها الفطرة وتسود الغفلة وتنعدم الفكرة ...
ولكل هذه الأسباب قدم الاسلام النصحية الصادقة على كل القيم والمثل الاسلامية عندما أخبرنا المصطفى ـ صلوات الله عليه ـ بأن : الدين هو النصيحة ؛ فالنصيحة الصادقة هي مفتاح الحق وقد تفضي لانقاذ شخص من الهلاك والضياع ؛ وقد تعيد الانسان لعقله ولرشده فتبعده عن الغفلة والضياع والشرود ، لان انعدام التوازن وفقدان التركيز وغفلة الإنسان للحظة واحدة قد تفقد الانسان روحه وحياته ، وقد تفقده أسرته ودينه ووطنه وأرضه وعرضه ـ نعم قد تفقده وطنه وأرضه وعرضه ...
وأنا أتصفح برنامج ( قوقل أيرث ) ؛ مررت على فلسطين العربية الحبيبة وهي أقرب إلينا من عاصمتنا الأردنية عمان ، لقد كان مروري عليها مرورا” أليما” ومؤثرا” وتذكرت لحظات اليمة„ من لحظات ضياعها ، والتي ترافقت مع غياب تام للعقل العربي وانعدام تام للحس الايماني واختفاء للرجولة والشهامة والشجاعة ، ثم تسائلت بحسرة„ : كيف نسي العرب فلسطين العربية ؟ وكيف على المسلمين اليوم هانت ؟
لقد ضاعت في لحظات من غياب العقل والدين عن القلوب ، حين اتبعت هذه الأمة الأماني وأغرتها الملذات والشهوات ، وعندما استهين بكل الدماء التي اريقت على طريق تحريرها من الرومان والصليبين والتتار ، أين نحن ممن استبسلوا في اليرموك وحطين وعين جالوت ؟ أين نحن اليوم من بطولات الأجداد ومن ملاحم المسلمين يوم كانوا هم الأسياد ؟
لقد كانت لحظات من الهوان قلبت ميزان التاريخ لنجد أنفسنا بلحظة واحدة في القاع ، لحظات خزي شردت شعب فلسطين العربية ليكون لاجئا” في خيمة وجالية وأقليات ، هي لحظات من الاختلال النفسي والايماني والعقلي جلبت لنا الخزي والهوان ، ثم نقلت فلسطين الأبية والعربية من حضن الأمة الاسلامية لتستقر في حضن عرفات ، ومنه الى حضن عباس ، ولييساوم عليها المفاوضون الكبار والصغار وعلى رأسهم عريقات ...
كانت لحظات قاسية ومريرة حين كانت أولى القبلتين ملفا” للبحث والمساومة والمقايضة ، فلسطين اليوم ملفا” من الملفات واليهود يثبتون أنفسهم على الأرض ببناء المستوطنات ، واقع مؤلم ذاك الذي أقنع العرب بأن رجوع فلسطين لن يتم الا عبر المفاوضات المارثونية وبخطط السلام الأمريكية والاوربية ، وبشيء من التنازلات المرجوة من الدولة العبرية !!! للأسف فان هذا هو واقع العرب الأليم اليوم بعد أن ركنوا عقولهم وأضاعوا ايمانهم وهجروا دينهم . والى أن يستيقظ العرب من غفلتهم ، والى أن تعود الى العرب عقولهم وقلوبهم ؛ سيهرولون دون وعي خلف السراب ، وستفتنهم الشياطين ، وسيسودهم الأنذال وسيتحكم فيهم الأوغاد ...