09-12-2013 10:20 AM
بقلم : د. سعود فلاح الحربي
لملمت دفاترها واوراقها وتطيّبت بماء وضوء صلاة الفجر, وقصدت تلتمس طريقاً للعلم قبل ان ترسم الشمس خيوط اشعتها على الكوكب الارضي, ولم تكن تعلم ان طريقها هذا لا عودة منه. نور (واحسبها اختي او بنتي) طالبة جامعية قضت مع بدايات فجر دام على يدي ذئب بشري اشترك معه من هيأ مسرح الجريمة, ذاك القابع في قلعته الرابضة على الدوار الرابع.
اعتقد ان نور ستكون ضحية مرتين, الاولى حين فارقت الحياة من دون أي ذنب ارتكبته, والثانية لانتهاج فلسفة العقوبة الجديدة في الاردن ولا سيما عقوبة الاعدام, قال تعالى: ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون. البقرة 179, يفهم من نص الآية الكريمة بالمخالفة امرين, الاول ان من لم ينتهج القصاص كقوبة فهو غبي؛ لأن الآية خاطبت ذوي الالباب, والامر الثاني اذا لم يطبق القصاص فلا حياة والقصد هنا حياة تليق بالبشر, وبعدم التطبيق سيكون الخراب والدمار والفوضى وشريعة الغاب.
تشير بعض المصادر ان هناك 63 حكم قضائي بالإعدام لم ينفذ أي منها, وبالطبع الحُجة فلسفة العقوبة وحقوق الانسان, تذكرون السيدة الامريكية التي قامت بدهس طفل لم يجاوز الحادية عشر عن سابق اصرار, حيث قامت بدهسه عدة مرات وهي تارة تبدل غيار السيارة للوراء وتارة للأمام حتى فارق الحياة, هذه السيدة حكم عليها بالأشغال الشاقة تصوروا!!! وما كان ذنب الطفل الا لأنه سبب لها ازعاجاً بلعبه في الشارع الذي يقع امام بيتها. ويحكم الى أي هاوية تسيرون بنا وكأنكم تدفعوننا للعودة الى عصور الظلام وشريعة الغاب ونصدقكم القول بأنّا بتنا نشك انكم تتعمدون ذلك فانتبهوا.
ما حدث مع نور ناقوس خطر دُق, فهل من سامع, وثمة امر آخر قبيح بقبح من يسير به, وهو ما يسمونه زوراً وبهتاناً اصلاح ذات البين, حيث ستبدأ الوفود بالتقاطر على بيت ولي الدم (المستوزرون والمستنيبون والمستشيخون وشاربو الخمر وقطاع الطرق واللصوص واصحاب الروائح الكريهة والبزات القميئة) والهدف والمهمة هي الضغط بشتى الوسائل المتاحة (التخجيل, مشان الله, مشان الرسول, مشان الملك) لإجراء الصلح العشائري, وهذا يرتب محو نصف العقوبة عن القاتل, وحجتهم في ذلك العفو عند المقدرة والصلح خير ولا اراهم الا قد جندوا لخدمة القاتل ولإضفاء شرعية على القتل, لا بل قد يصل الامر ابعد من ذلك بقيام المحافظ وهو ممثل السلطة التنفيذية بمشاركتهم جريمتهم هذه, وقد يضطر لسجن ذوي الضحية بقصد منع جريمة ستحدث, وما علم كل اولئك ان المصالح تقدر بقدرها, ولأننا شركاء في الحق العام فلن نقبل بأقل من اعدام القاتل حكماً وتنفيذاً, ولا صلح ولا تفاوض فكلنا نور,,, كلنا نور.
د. سعود فلاح الحربي