09-12-2013 10:26 AM
بقلم : فيصل البقور
سؤال يجيب عليه الطفل قبل الكهل بأن الله هو من يستر وهو من يفضح ، لكن ومع كل قناعاتنا انه جلّ في علاه يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور ، الا اننا نجاهر بالمعصية تحت نظر ربنا كل يوم وليله ، متناسين عمداً ان معظم اعمالنا يشوبها ما يشوبها ، فنحن نكذب ونسرق ونغتاب وننهش لحم بعضنا البعض ...ونزني اما بالعين او بالسمع وكأن حواسنا التي وهبنا الله اياها هي فقط حتى نغضبه بدل ان تكون ادوات بها نصل الى رضا الخالق ، فمن منا يعُد نِعمُ الله عليه ويشكره على دوامها بدل ان يتفنن بالسير عل دروب الشيطان الموصلة الى المهالك .
وعند الحديث عن البشر ، فأن الكثيرين اليوم يدعون انهم يعرفون الاسرار وانهم القادرين على كشف المستور، ووحدهم لديهم الاوراق كاملة وسوف يظهرونها عند الوقت الملائم ، ومنهم الذين يتتبعون عورات المسلمين سواء القريبين منهم او البعيدين ، لكنهم متناسين ان عين الله لا تنام ..
وبين التفكير والتأمل في الحياة الدنيا والاخرة بون شاسع ، ومسافات لا ترى بالعين المجردة وفقط نعلم ان المسافة بينهما هي قدر المسافة بين الموت والحياة او بين الحقيقة والكذب ،
على ان معظمنا يمر بأوقات عصيبة كل يوم وترانا نفكر في ما نحن به ونُطرق رؤوسنا باليوم عشرات المرات نفكر ...؟ لكن بماذا نفكر والى ماذا نسعى من وراء التفكير ، اعتقد ان معظم الذين يطرقون رؤوسهم يومياً انما يفكرون بأمر ما خاص بالحياة الدنيا .حتى اننا نكاد نُغيّب الموت عن اذهاننا علما ان الله عز وجل جاء على ذكر الموت العديد من المرات في القرآن الكريم مع ان حقيقة الموت لا ينكرها انسان، ومع ذلك ما زال الله يذّكر خلقه بالموت لعلمه انهم ينساقون بفعل الشيطان الى امور الحياة اكثر من العبادات التي تقرّبهم الى الله زلفى...
في حين ان من نخطئ بحقه دون علمه من الناس ،نبقى حريصين ان لا يعلم بما قمنا به ، لأننا نخشى منه ان علم ،وان علم بالأمر سرعان ما تجدنا نعمل كل ما نستطيع لكي يسامحنا او يتناسى خطأنا بحقه ...وان تظاهر بالتسامح الا اننا نبقى حذرين منه كل الحذر خوفاً من غدره بنا ، فقليل منا من يسامح حق المسامحة وينسى الاساءة .
وهنا اليس الخالق احق بالخوف من تكرار المعصية امامه ، اليس الخالق اجدر ان نخشاه ونعمل كل ما بوسعنا حتى ننال رضاه ..؟؟
فلم تزل حواس المسلم اليوم هي نفسها التي كانت ايام الرسول واتباعه ، لكنهم السلف الصالح قد استثمروا ما وهبهم الله من نِعَم مثل الحواس فقط لنيل رضا الخالق اما نحن اليوم ( وليس من باب جلد الذات ) فلقد تمكنت من الحياة كثيراً واصبح معظمنا يخترع الطرق الشيطانية بنفس حواسه تلك التي يجب ان تكون فقط عاملة لرضا الله ، حيث نجد من يكذب ويأكل الحرام ويغتاب ويبطش بأخيه المسلم ويجاهر بالمعصية تحت سمع الله ونظره غير آبه وكأنه قد اخذ عند ميثاقاً ، ومع ذلك يستر الله افعالنا المشينة كل يوم وليلة ونعود باليوم التالي نمارس نفس الحالة من العصيان والتمرد ونحن اضعف من ان نجابه انفسنا فكيف نجابه من خلقنا لعبادته ...!
ولا يغيب عن البال ان الله القادر على كل شيء قادر ان يفضح ما نقوم به بأي طريقة يشاء ،
فتخيّل ان الله عزّ وجل فضح افعال انسان ليوم واحد ( ولله المثل الاعلى ) بأن يكتب على جبينه ما قام به من ذنوب ، مثلاً: سرق من فلان ، اغتاب فلان، زنى مع...،استرق السمع ...الخ مما يقترفه الانسان ( يومياً ) فكيف ستكون حياة الانسان مع كل هذه ( الفضائح )
ومع ذلك يعطي الله لعباده العمر والوقت الكافي للرجوع اليه ويستر عورتهم وذنوبهم ويتوب عليهم ...
اما يوم القيامة حيث تتطاير الصحف وكل مخلوق سيجد ما عمله ( حاضراً ) في كتاب يلقاه منشوراً امام الخلائق.
فما الذي نكتبه في صحفنا كل يوم وما الذي نساعد غيرنا على القيام به وكتابته كوننا (أمة اخرجت للناس ...)؟.
اعتقد ان الوقت متاحاً اليوم حتى نعود عن افعال الرذيلة التي نمارسها والمعاصي الكثيرة سواء امام الخلائق او سراً موقنين ان الله يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور .... قال تعالى ( فأين تذهبون ).