حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 13707

السياسي لا يملك ترف الكراهية !

السياسي لا يملك ترف الكراهية !

السياسي لا يملك ترف الكراهية !

12-12-2013 11:30 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : علي الحراسيس
... لم يكن مانديلا ذاك الساحر والمفكر العظيم الذي جاء بفكرة التسامح والبعد عن الكراهية ،حيث خاض بنجاح معارك واسعة كبيرة داخل قوى وتنظيمات " السود " لكف أيديهم وفكرهم عن ممارسة الانتقام من أقلية بيضاء لا تتجاوز أل 20% من سكان إفريقيا حكمت البلاد بالنار والحديد ومارست بحقهم كل أصناف التهميش والظلم والسجن والقتل والاستعباد طالت الآلاف منهم بشكل لم تسجله أنظمة أخرى في ذاك الوقت إلى يومنا الحاضر ..
التسامح كان بداية انطلاقة الثورة ونجاحها ، والتسامح استطاع أن يحيّد كل الداعمين لنظام بريتوريا العنصري ،والتسامح كان مقدمة بناء دولة عصرية ديمقراطية غنية يعيش فيها البيض (الأقلية ) مع الغالبية السوداء بتوازن ومحبة وإخاء حتى باتت جنوب أفريقيا دولة عصرية ..
في دول الربيع العربي لم نختار التسامح ،ولم نختار العقل ،وأبدلنا الكلمة بسكين ننحر فيه رقاب خصومنا ، وبات الرصاص هو قاعدة التفاهم بين المتخاصمين من أنظمة وبقايا أنظمة (فلول )وبين الثائرين ..
رفضنا بكل عنجهية خيارات الشعوب في صناديق الاقتراع ،واستثمرنا من جهة أخرى تلك النجاحات كي نطيح بمن هب ودب ومن يخالفنا الرأي حتى لو لم يكن من الفلول ، حملنا السلاح ودمرنا بلادنا ، وأتحنا المجال " للمجانين " ان يشاركونا اللعبة ،فحضروا إلينا بفتاوي القتل و"جهاد قتل النفس "وجز الرقاب وجهاد النكاح وتقسيم البلاد وإعلان إمارات صغيرة ، حتى بتنا جميعا مجانين نواصل تدمير بلادنا وتهجير شعوبنا وتقسيم الناس بين كافر ومؤمن ، قابلها فتاوي " سياسية " بمحو كل معارضة وباستخدام أسلحة مجنونه ..
لقد رأى مانديلا السياسي مجتمعه بشكل صحيح رغم الظلم البين الذي تعرضت له الأغلبية من نظام فصل عنصري خارج التاريخ، واختار حلا تعايشيا لمجتمع متعدد قابل للاستمرار بدلا من الانخراط في صراع دموي نتيجته كانت ستكون مكلفة ولن تنتهي إلا بالخراب.
هذا الدرس لم تستفد منه مجتمعات أو دول أخرى ما زالت لسبب أو آخر في تناحر أو صراعات لا تنتهي، ويكبر فيها حجم الكراهية كل يوم من دون قدرة على التصالح مع النفس ومع الماضي، وهو الشرط الأساسي للسير إلى الأمام. ولذلك كثر القول في أزمات كثيرة ،تارة بين سنيّ وشيعيّ ، وتارة بين كافر ومؤمن ، وبين ليبرالي وإسلامي ، وبين فلول وثوار جدد ،بين بقايا أنظمة سقطت وبين حكام جدد لايختلفون في الفكر " الانتقامي " برغم اختلاف الأدوات والآلية التي يتعاملون فيها مع الخصم ..
العالم بدأ ينفر منا ، الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما تخلوا عن بعض مصالحهم وغادروا المنطقة لأنهم لم يتوصلوا أو يحققوا أية نجاحات تصالحية بين الأطراف المختلفة والمتصارعة ، فما حدث في العراق من سلوك الانتقام والذبح على الهوية تكرر في سوريا ،وهاهو يتكرر في اليمن وفي مصر الفتاوى حاضرة للقتل او الإرهاب وقتل الأخر .
نحن الآن في مواجهة همومنا وتحدياتنا وحدنا دون مساندة احد ، والعقلاء غائبون كليا ،والسكين المعدة " المبردة " لجز الرقاب حاضرة في المشهد الخلافي بين الأطراف جميعا .
تذكرون ارنود فان الهولندي الذي أنتج فيلم أساء فيه الى الرسول عليه السلام ، لقد أمضى الرجل سنين يفخر بما أنجز ، وحين أعاد النفس إلى سكينتها والتقى مسلمين عقلاء ،علم أن ما قام به خطيئة كبرى ، فقدم اعتذاره للعالم الإسلامي ، وتحول إلى رجل مسلم وأدى فريضة الحج هذا العام ، وهو يعد ألان فيلما ليمحو ما ارتكبه بحق نبينا عليه السلام وبحق المسلمين عموما ، ولو وقع هذا الرجل في يد " مجنون" لجز رقبته وقتله وأنهى حياته قبل ان يمنحه الوقت اللازم ليكفر عن ذنبه كما فعل عبد الحبشي قاتل حمزة بن عبدالمطلب .
لابد من التسامح ، ولابد من أن يحتل العقل دورا في الوصول إلى تفاهمات ، وإلا فالحالة " العربية " مأزومة بسبب سطوة الكراهية والحقد وسلوك القتل والذبح الذي نختاره دون كل ادوات التفاهم وحل المشكلات بطريقة حضارية ، او أن يبعث الله فينا " مانديلا " أخر يعيد إلينا الوعي والعقل والتسامح الذي غيبناه منذ عقود.
ليس لدينا مانديلا هنا.









طباعة
  • المشاهدات: 13707
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم