12-12-2013 11:36 AM
بقلم : د.الشريف محمد خليل الشريف
لايخطر في بال احد ان يكون حكومتان في آن واحد لشعب من الشعوب ، فهذه معادلة صعبة في علم السياسة والجغرافيا معاً إلا في فلسطين فكل المعادلات يمكن حلها وتعديلها حسب منظور المصلحة الشخصية على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته التي اصبحت تتلاعب بها رياح المصالح الشخصية والأقليمية والدوليه ، فقد كان الشعب الفلسطيني موحداً على ارضه مثل باقي الشعوب حتى عام 1948م حين تآمرت عليه بعض الأنظمة العربية مع العرش البريطاني لتنفيذ وعد بلفور المشؤوم لتشريده عن ارضه واقامة الكيان الصهيوني عليها ، فانقسم مابقى على ارض فلسطين من اهلها الى ثلاثة اقسام قسم بقي على ارضه بسبب عدم وصول الجيوش العربية اليه واصبح تحت الأحتلال الصهيوني وبقى قسمان الأول في الضفة الغربية والذي اصبح اردنياً بموجب اتفاق الوحدة مع الأردن والثاني في قطاع غزه والذي وضع تحت حكم الأدارة المصريه ، ثم عاد هذا الشعب ليتوحد تحت الأحتلال الصهيوني نتيجة نكسة 1967 التي ألمت بالجيوش العربية ، وكان توحده روحياً ومعنوياً وفكرياً لمحاربة الأحتلال الصهيوني ، وقد نجح فعلاً بزعزعة الكيان الصهيوتي وتوجيه ضربات عنيفة له بالمقاومة والعمليات الأستشهادية البطولية والأنتفاضة المباركة مما ادى الى ولادة اتفاق اوسلو والذي تمخض عن اعلان السلطة الوطنية الفلسطينية ، وفرح الشعب الفلسطيني وغنى ورقص معتقداً انه حقق ولو الشئ اليسير مما يطلب ونشطت حركة حماس ونجحت في مقارعة المحتل حيث أجبرته مع حركات الجهاد الأخرى على الأنسحاب من قطاع غزه كاملاً ولمع اسم حركة حماس في مجال المقاومة مما اتاح لها النجاح والتفوق في الأنتخابات التشريعية الديمقراطية وتشكيل الحكومة عام 2006م ، ولم يكن الشعب الفلسطيني يعلم بأن الديمقراطية محرمة عليه دولياً وكذلك لم يكن يدرك ان هناك من يفضل مصالحه ومصالح المنتفعين معه فوق مصالح الشعب ، فقد اعلنت رئاسة السلطة ممثلة بالرئاسة من اليوم الأول عدم اعترافها بالحكومة الجديدة وكذلك بالأنتخابات التي كانت تحت اشراف دولي وشهد العالم بنزاهتها ولكن السبب الحقيقي كان ضياع تشكيل الحكومة من السلطة والموالين لها إذ أن برنامج حماس اسلامي ويعتمد الجهاد سبيلاً للتحرير بينما برنامج السلطة علماني ويعتمد المفاوضات سبيلاً للتحرير وكان من البديهي ان يشجب الأحتلال الصهيوني ايضاً الحكومة الجديدة لتجد الفتنة طريقاً ممهداً لها بين أخوة الكفاح والجهاد والسلاح ليشتعل فتيل القنبلة الموقوتة ويتقاتل الأخوة وكأن ارض غزة هاشم عطشى لدماء ابنائها ، مما أدى الى ايجاد حكومتين سياسيتين تنفيذيتين ، لترحل السلطة بقيادتها الى رام الله وتشكل حكومة نسيطر عليها حركة فتح وتترك القطاع للحكومة الجديدة التي تسيطر عليها حركة حماس مما اعطى الكيان الصهيوني الحجة لفرض الحصار على غزه ثم ليفرض عليها الحصار العالمي ولا اعيقد ان هناك سبباً لفرض هذا الحصار سوى ان الحكومة في غزه تمثل التيار الأسلامي وتتمسك بمبدأ المقاومه ، وهنا عاد الأنقسام بين الشعب الفلسطيني الذي اصبح بحكومتين واحده في رام الله تحصد رضا الأحتلال نتيجة التعاون معه وخاصة في المجال الأمني وكذلك رضا العالم باصرارها وتمسكها بالمفاوضات ، والثانية في غزه عوقبت بالحصار نتيجة مبادئها وسياستها .
الحصار على غزة هاشم ومن فيها من حكومة وشعباً معلوم للجميع ويعمل كل احرار العالم لكسره وفكه عن القطاع فهو حصار على الشعب قبل يكون على الحكومه فهو الذي يدفع الثمن من معاناة وعذاب وجوع وبرد وحر ونقص في المواد الغذائية والأدوية بل والموت في معطم الحالات لعدم توفر العلاج ، ولكن ان يحاصر هذا الشعب وهو خارج غزه باحثاً عن رزقه واكمال علمه وعلاجه من سلطة رام الله فهذا امر لايقبله انسان ، يخرج الفلسطيني من غزه سواء للعمل او العلاج او التعليم وقد قام باكمال كل الأجراءات المطلوبه والمعلوم ان كل الأوراق التي تحتاج الختم والمصادقة عليها من أي وزارة أودائرة أومؤسسة مهما كانت اذا كانت للأستعمال خارج قطاع غزه يجب ان يتم الختم الفلسطينية للتصديق عليها ليقدمها للجهة المعنية وينهي رحلة عذابه إلا ان كل احلامه تتحطم على شباك التصديق في السفارة الفلسطينيه بجواب بسيط جداً من الموطف يقتل فيه كل احلام المسافر المتعب والمرهق والذي يعتقد انا سيلاقي الترحاب من ابناء جلدته وشعبه ولم يتوقع انه سيلاقي لطمة والمصادقة عليها من وزارة الخارجية في غزه وهذا مايحدث لتكون الأوراق قانونية وكاملة الأجراءات وبعد ذلك يحملها هذا الفلسطيني المتعب والمفهور الى البلد المسافر له ليقدم اوراقه الى السفارة تقضي على حلمه وطلبه وامله في اكمال مشواره الذي عانى ماعانى من اجله ، بكل بساطه يقول له موظف السفاره ( ما بنصدق على هذا الختم ) ويعني ختم وزارة الخارجية في غزه ، وبعد ان يمتص هذا المسافر المسكين الصدمه يسأل الموظف بعفويه ( ليش ) فتكون اجابة الموظف لطمة أخرى ( هاذي مش خارجيتنا ) ويكمل ( روح اختمها من رام الله ) وهنا تتحطم فعلاً كل آمال هذا الفلسطيني المتعب الذي ربما صبر السنين حتى تتاح له هذه الفرصه فهو لا ولن يستطيع السفر الى رام الله المحرم عليه دخولها .
فهل هذا حصار جديد من السلطة الفلسطينية لأبناء فلسطين في غزه ؟ أم هو عقاب لهم على مايتحملوه من حصار وموت بطيئ ، لقد رفع الشعب الفلسطيني في غزه اسمها واسم فلسطين حتى اصبح نجمة في التضحية والكفاح والصمود ، وكتبت آلاف المقالات والتحقيقات ونظمت آلاف القصائد تروي وتتغنى بصمود اهل غزة هاشم وشدت اليها القوافل تلو القوافل لكسر الحصار المفروض عليها وعلى اهلها ، فهل يعقل ان يكون هذا الجزاء لهم من السلطة الفلسطينيه ، فلترحم السلطة ابناء شعبها ولا تزرع الفرقة بينهم ، ولتضع مصلحة شعبها فوق المصالح الشخصية ولعبة المناصب والكراسي فلن ينفعها كل العالم اذا وقف معها ووقف شعبها ضدها .
Email;shareefshareef433@yahoo,com