16-12-2013 11:17 AM
سرايا - سرايا - عادت السماء الى طبيعتها، ولكن الارض ما زالت تفيض بالماء على المنازل الخاوية بلا اصحابها التي جردتهم من كل شيء يربطهم بالحياة.
فبعيدا عن الصواريخ الإسرائيلية والغارات الجوية وطائرات الـF 16 وازيزها، ضربت الطبيعة ضربتها لغزة بكل قسوة، فلم تعلم انها قسمت ظهر الاناس الخطأ، فانحسرت العاصفة الثلجية "اليكسا" خجولة متذيلة نهار الاحد في لوحة غزاوية فلسطينية.
انقشعت الغيوم وظهر ما تحتها من حجم المعاناة التي ادمت قلوب الناظرين وعيونهم، مشردين ولاجئين في غير وقت الحرب فقد وضعت الطبيعة اثقالها على ارض لا طاقة لها ولا حمل بما اصابها، فأودعت "اليكسا" مئات الاسر وآلاف الافراد بالمدارس والمراكز الشرطية والصحية والصورة اكثر تأثيرا من مئات الكلمات.
مراكز ايواء كانت مدارس لأبنائهم، فأصبحت السبورة لوحة تذكير لمعاناة 4 ايام كانت مدرجة بأقسى التعابير حزنا وألما.
تجولنا داخل مراكز الايواء والتقطنا المعاناة التي مزجت البرد بالصقيع مع قلة الامكانيات وندرتها، في قطاع غزة الذي أنهك بالأزمات التي ما تلبث ان تعصف به من كل فجا عميق.
حتى مع تعالى نداءات الاستغاثة التي صدحت بها مساجد قطاع غزة الا ان سطوة الحزن رسمت على محيى الجالسين وهم كثر، السيدة "ام حسين" بدت وكأنها في عقدها السادس لكن حسن الحياة غاب عن اسمها كثيرا للأسف في مدرسة ابو حسين التابعة لوكالة غوث و تشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا)، تشترك في الاسم ولكن المعنى متغيب تماما عن مثناهم في مخيم جباليا شمال قطاع غزة.
فرت ام حسين وعائلتها المكونة من 8 افراد من موت زؤام فمنزلهم يقع قرب بركة "ابو راشد" مكان لتجمع مياه الصرف الصحي وسط المخيم والتي امتلأت فطافت على جيرانها الذين تحملوا رائحتها لسنين فأمست بهم الىقفص المعاناة في مدرسة ابو حسين.كما قالت
وتضيف:" كنت مساء الخميس أستمع الى اخبار المتضررين عبر التلفزيون وقالو انو منسوب البركة ارتفع(..) ما اهتمينا كثير فجر الجمعة صحينا، الا والمية بين رجلينا لحقنا حالنا وشردنا وسبنا كل شيء، واجت الشرطة والدفاع المدني وجابونا مغرقين على مدرسة ابو حسين وبعدها بدت الناس يجو على المدرسة كثار، وزي ما نات شايف هليحن، واحنا بنستنى نروح عالدار ويخف الوضع (..)تعب وبرد بيقتل قتل".
الطفلة مرام صاحبة الـ(6 أعوام) تقول بعد سؤالها عن شعورها هنا :"فش حرب عشان احنا بنيجي هان لمن يكون في حرب، بس الجو برد كثير يمكن عروستي غرقت بدي اروح اشوفها لمن يخلص المطر ".
وتضيف مرام صاحبة الشعر الاصفر والبراءة تشع من ثناياها:"احنا اجنيا عالمدرسة في الليل عشان المي اجت علينا،
ليش اجت مش صح هي ما بتجي عالناس".
من لم يشهد حديث مرام الطفولي البريء خسر الكثير من الانسانية.
قرابة الـ 500 فرد كانوا في مدرسة ابو حسين الواقعة في وسط مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين، والذي يعد الأكثر كثافة سكانية في العالم حسب المساحة، بدى عليهم التعب والبرد في اجواء صقيع ضربت قطاع غزة في موجة نادرة ويصعب الاعتياد عليها.
الشاب رامي (21عاما) يهُب لمساعدة كل من يحتاج المساعدة في المدرسة والاماكن المنكوبة يقول :"جئنا هنا بمحض ارادتنا والواجب الانساني الذي يجب ان نحمله تجاه أي وضع يصيب شعبنا وبلدنا".
ويضيف رامي الذي يحمل شعار متطوعو الهلال الاحمر الفلسطيني:" لقد وضعنا الكثير من المساعدات للذين يحتاجونها، وهذا يشعرك بالراحة الانسانية حيال ذلك لقد شعرت اني مفيد في هذا الوضع والحمد لله".
ضابط الدفاع المدني أبو احمد والذي كان يحمل طفل صغيرا في يده يقول:"نحن هنا منذ 3 ايام ولم نذهب الى أبناءنا في البيت
الوضع صعب للغاية نحاول تقديم المساعدة في ظل نقص كل الظروف والامكانيات".
وعن المساعدات التي تصل قال الضابط الذي كان منشغلا بتقديمها:" الناس فيهم الخير قدموا الكثير من المواد الغذائية وبعض الفصائل والحكومة والهلال الاحمر أيضا، الوضع مسطر عليه(...) تمنينا ان تتضاعف المساعدات، والحمدلله تم السيطرة على الامر في ظل نقص كل شيء".
وتكاثر العديد من المواطنين والسيارات ذات الدفع الرباعي التي حملت الاغطية "البطانيات" ومعلبات ومواد تغذية وخبز للعائلات الفارة في مدرسة ابو حسين، ومدارس اخرى قريبة.
وأجبرت الأمطار الغزيرة التي شهدها قطاع غزة منذ أيام عدة مئات الفلسطينيين على مغادرة منازلهم والمبيت في بعض المشافي والمدارسبشكل مؤقت، فيما توفي شخصين على الأقل واصيب نحو 100 شخص في حوادث متفرقة بمحافظات
القطاع.