بقلم :
عندما جاء وزير التربية تيسير النعيمي ظننا أنه سينتصر للمعلم بعد أن ركز الوزير السابق خالد طوقان على رفع مستوى المنهاج التعليمي وتطوير قدرات المدرس دون الاهتمام بالواقع الحياتي للمعلم حتى يستطيع التدريس براحة نفسية ولكن للأسف بدأ الوزير الجدي بلف الحبل على رقاب المعلمين . فقبل أن نطلب من المعلم تقديم مستوى تدريسي متميز يجب أن نوفر له ظروف ملائمة تمكنه من ذلك . المعلمون يعانون من غياب أبسط الحقوق وهي وجود نقابة تمثلهم وتدافع عنهم وإذا احتج البعض أن الفئة العظمى منهم تعمل في السلك الحكومي فإننا نجيبه أن هناك فئات كثيرة من الوظائف المشتركة بين العمل الحكومي والخاص مثل التمريض والهندسة والمطالبة بنقابة ليس مطلبا حديثا . مع بداية عهد الوزير الجديد وبدل من رؤية تحسينات منتظرة أقلها حماية كرامة المعلم ووضع قوانين صارمة لمنع الاعتداء عليه من بعض الطلاب وحفظ كرامته بان لا يجر إلى مركز أمني في حالة تقديم شكوى عليه إلا بعد وضع قوانين تضبط الطلاب كبديل عن أسلوب الضرب. حتى يجد المعلم نفسه قادراً على ضبط الصف دون استعمال العصا، وتحسين وضعه المعيشي فهو الأقل دخلا مقارنة مع باقي الخريجين من الجامعات . ومع ذلك لاحقت الوزارة المعلمين لتسحب اللقمة من أفواههم بمنع المراكز الثقافية من تقديم دروس التقوية لا من خلال العطلة الصيفية ولا خلال العام الدراسي وكل من أيد هذا القرار لم يدرك أن هذه الدروس من السهل أن تنتقل إلى البيت كما كانت سابقا ولكنها عبر المراكز أوفر ماديا وأنفع للطلاب ولا يحرم منها الفقير . فقد أدت هذه الدروس في حالات كثيرة بإنقاذ طلاب لا يستطيعون استيعاب الشرح ومعهم في الصف ثلاثين زميلا ، ومن المستحيل أن يركز المعلم على الطلاب ذوي الاستيعاب البطيء كما كانت هذه المراكز تفيد الطلاب الضعاف في العطلة الصيفية ليدخلوا العام الدراسي وقد تقوا قليلا واستوعبوا مقدما المنهاج القادم . فإذا كانت المراكز الثقافية مفيدة للطلاب ومصدر دخل للمعلمين فلما تم محاربتها دون إيجاد بدائل حقيقية. المدارس الخاصة قد تكون البديل المكلف جدا لأولياء الأمور أو المعلم الخاص ولكنها مرهقة كما أشرنا لولي أمر الطالب وصعبة على المعلم الذي سيخسر مصدر دخل في ظل غلاء المعيشة. الوزارة أكملت مشوار خنق المعلم بقرار إبداعي لتيسير النعيمي بمنع الإجازة بدون راتب حتى لا يتمكن المعلم من تحسين ظروف حياته. الوزارة ادعت أن هذا القرار يحمي المدارس من هجرة المعلمين وخسارة الكفاءات ! فلما لم تجد الوزارة حوافزا تمنع المعلم من الهجرة علما أن معظم المعلمين لم يبني بيتا أو يشتري سيارة أو حتى يهيئ نفسه لمساعدة أبناءه سوى في الفترة التي كان يدرس بها خارج الوطن. الغربة والبحث عن عيشة أفضل وسيلة يجب أن تساعد عليها الوزارة ولا ننسى أن الإعارة تمكن الكثير من الخريجين بالعمل فورا كبديل للمغتربين . ولكن يبدوا أن وزارتنا لا ترحم ولا تترك المعلم يبحث عن رحمة الله . يجب أن تتوقف هذه القرارات التي تخنق المعلم الذي يدرك كل مواطن أنه الموظف الأقل دخلا. و عزائي للمعلمين الفاقدين لنقابة تحميهم من قرارات مستعجلة أنهم دوما الضحية لمثل هذه القرارات . أتمنى من الحكومة أن تترك المعلمين بحالهم وتجد لها جهة أخرى تصدر قرارتها عليها. وليس معلم مسكين يريد أن يدرس ليعيش إن كان في مركز ثقفي أو في ضنك الغربة .