حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,26 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 25868

وظيفة مستشار

وظيفة مستشار

وظيفة مستشار

23-12-2013 11:49 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المهندس وصفي عبيدات
ان وظيفة مستشار هي وظيفة قديمة اتخذها الملوك والأمراء والوزراء لإسداء النصيحة والمشورة اللازمة لإعانتهم على ادارة شؤون البلاد ، وهو تشريع رباني شرعة الله لبني البشر من قبيل اتخاذ القرار المناسب للقضايا التي تواجه المسؤول والتي تمس حياة الرعية من جميع جوانبها بعيدا عن الاستبداد والظلم الذي قد يقع فيه ، لانه لا يمكن لأي إنسان ان يكون ملما بكل شئ ، حتى رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام وهو الذي لم يكن ينطق عن الهوى اتخذ من المشورة منهجا في بناء دولة الاسلام ، فكان يعرض الكثير من الأمور على الصحابة رضوان الله عليهم وكثيراً ما كان يأخذ بمشورتهم حتى لو لم يكن ذلك موافقاً لرأيه عليه أفضل الصلاة والسلام ، لذا فان المستشار يعتبر من الوظائف المهمة في الدولة لان الانسان مهما امتلك من قدرات عضلية وفكرية فانه لا يمكن ان يحيط بكل شئ علما ، لذا يجب ان يكون المستشار ذو كفاءة وخبرة في تخصص معين ، وان يكون أمينا عالماً عارفاً بما يستشار به لانه مؤتمن على تقديم المشورة الصحيحة الدقيقة في وقتها المناسب لصانع القرار ، وإعطاءه الخيارات البديلة مع توضيع إيجابيات وسلبيات كل خيار من هذه الخيارات لتسهيل مهمة صاحب القرار باتخاذ القرار الأكثر ملائمة للقضية المطروحة عليه .
في واقعنا المرير وما يشهده من فساد اداري وإيكال الامر لغير صاحبه وشغر الوظائف بغير المناسب من الموظفين فان وظيفة المستشار اصبحت غير واضحة المعالم ، فاصبحت وظيفة عامة لا تمت للاستشارة بشئ ، فوجودالمستشار لا يفيد بشئ وغيابه لا يغير من الامر شئ ، لان المستشار عندنا لا يستشار ، فهذه الوظيفة اصبحت وسيلة لتحقيق مآرب متنوعة تتجاوز الهدف الذي من اجله وجدت ، وهذا من الأسباب الرئيسية التي تزيد من معاناة مؤسساتنا من الأزمات الإدارية .
تغص مؤسساتنا ووزاراتنا بالمستشارين الذين يعّينون لكل شئ ما عدا الاستشارة ، فقد يكون تعين المستشار من اجل ابعاد موظف ما عن وظيفته وفتح شاغر لآخر يريده الوزير او المدير ، فمن اجل إرضاء هذا الموظف الذي يراد التخلص منه يتم تعينه مستشاراً مع نفخه بمنفاخ كبير وايهامه بان قدراته الفكرية يجب ان تستغل بوظيفة اشمل لان الوزارة او المؤسسة بحاجة لمن يسدي النصيحة والمشورة للكثير من إداراتها المختلفة ، فيسهل عليه ذلك فتح الطريق اما تعين القريب او الصديق او المفروض من جهات اخرى لا يقوى الا ان ينصاع لأمرهم ، او قد يكون الموظف قد ارتكب مخالفة ادارية او مالية ، وخلْف هذا الموظف تقف قوة قاهرة تحميه من المحاكمة على إخفاقه وفساده فيتم إعفاءه من وظيفته وتعينه مستشارا ويخصص له مكتب لا يدخل عليه احد الا حامل الجرائد اليومية يأتيه بكل الجرائد ليشغل ساعات دوامه ، او يقوم بازعاج المسؤولين في الواسطات وغيرها مع المحافظة على كل امتيازاته من راتب ومكافئات ورفاهية ، فتُحمَّل الخزينة مصاريف هي بغنى عنها من الاولى ان تُصرف على الوطن والمواطن ، وقد يكون تعين المستشار مخرجا لأصحاب القرار في تعين أشخاص غير مؤهلين او لا تنطبق عليهم الشروط اللازم توفرها بالشخص المراد تعينه والمفروض من جهات اعلى من الوزير او المدير فيجد من وظيفة المستشار مخرجا له بتعين المعني مستشارا يتم تكليفة ببعض اللجان والمهام لفترة معينة بعدها يتم تقديمه على انه من ذوي الخبرات القادرة على شغل الوظيفة الشاغرة لدى المؤسسة .
ان كثرة المستشارين في الوزارات والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية أدي الى غياب هيبة المستشار وطمس هويته رغم الهيبة الكبيرة التي يمتلكها في الدول المتقدمة اداريا وديمقراطيا ، فلقد تجاوزت هذه الوظيفة أهدافها الموضوعية والعلمية والعملية رغم ان الكثير من وزرائنا ومدرائنا بحاجة ماسة الى مستشارين من ذوي الكفاءات العالية للمساعدة في تطوير الأداء الحكومي من خلال التوجيه الصائب الى ما هو أفضل وما هو انسب لإنجاز مهماتهم ، خاصة وان وزاراتنا ومؤسساتها لا تعيش استقرارا اداريا بسبب كثرة تغيير الوزراء والمدراء مما يجعل عمل هذه الوزارات والمؤسسات قائما على الفزعات والسياسات الفردية تخضع لاجتهاد الوزير او المدير الذي قد تكون خبراته متواضعة جداً في مجال وزارته او مؤسسته الشئ الذي ينعكس سلبا على النتائج ، وهذا أيضاً من الأسباب الرئيسية في الترهل الاداري الذي تشهده مؤسسات الدولة، لذلك يجب ان يكون في كل وزارة او مؤسسة مستشارين محددين بهدف تطوير الأداء العام الذي ينعكس إيجاباً على المجتمع بأسره .
اننا بحاجة الى ضبط عملية تعيين المستشار وان يتم تحديد معايير وضوابط واضحة يتم تعينه بناءا عليها وبحيث تكون بعيدة عن المصالح الفردية وتنصّب جلها في مصلحة الوطن من خلال تحسين الأداء الوظيفي بدأ من التخطيط والبحث والدراسة الى استراتيجية التنفيذ والإدارة .








طباعة
  • المشاهدات: 25868
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم