28-12-2013 11:42 AM
بقلم : إسراء أبو جبارة
يبدو أن الشعب لا يرضى بأي قرار تتخذه الحكومة مهما كانت أبعاده، فالحكومة دائماً متهمة بإهانة الشعب و الاستقواء على الضعفاء منهم.. ففي قرارها الأخير حول فتح باب التوظيف للمرأة تحت مسمى (عاملة نظافة) ضمن أمانة عمان الكبرى، ضجّت النساء و تبعها الرجال.. و الاعتراض كان يدور حول أنها مهنة مُهينة و تعرّضها للخطر..
ما العيب في أن تطرح الحكومة مثل تلك الوظيفة ووصفها بأنها إهانة لكرامة المرأة و مكانتها.. بينما الشعب يضع الحلول أمام الحكومة للتراجع عن هذا القرار و التي اعتبرته الحكومة حلاً لأزمة الفقر إن رغبت المرأة المتعففة الالتحاق بها و ليس التقدم بالوظيفة اجبارياً و حصرياً للمرأة.. بل سنحت الفرصة لهن بالعمل و التمتع بكامل الحقوق.
للأسف بعض النساء تعترض على الوظيفة كونها في (الشارع) مما يعرضها للخطر، و هي إذلال للمرأة كونها تعمل في البيوت و تلك المهنة شاقة على النساء في الخارج.. بالرغم أننا نرى الشوارع تعج بالمتسولات و لم يعترض عليهن أحد .. أوليس التسول بالمهنة المُذلة للمرأة ..؟ عجبي
و نرى الأرصفة تحتلها النساء في عرض تجارتها من أغذية و ألعاب و غيرها و تتجول من مكان إلى آخر طلباً للرزق من الصباح حتى المساء من أجل حفنة دنانير.. و الجميع يتصدق و نادراً ما يشتري .. هذه إهانة شعب..
أما اعتراض الرجال كان أنها مهنة تليق بالرجل و المرأة يجب أن تكرم لا أن تُهان و على الحكومة أن تتولاهن بالرعاية .. هنا أقول أين أنتم أيها الرجال من النساء..؟ يتخلون و يتهربون من دفع النفقة و المؤجل و إن أرادت العمل لتنفق على نفسها في أي مجال أصبحت مهانة كونها بلا معيل.. من ضمن المطالب المنطقية و اللامنطقية الأفضل للحكومة أن تتعاون مع دائرة الأحوال المدنية للبحث عن معيل للمرأة من ذويها و أهلها و اجبارهم التكفل بها بدلاً عن التخلي وتريح الحكومة نفسها من اتخاذ قرارات صعب أن يتقبلها الشعب بحكم (العيب) لها و لهم..
أقول للرجال لما تعارضون كونكم لا تستطيعون توفير حياة كريمة و عمل آمن لنساء وطنكم..؟ ففي مجال العمل المكتبي تنهال شروط القبول من جمال و أناقة و لغة و إلمام بالكمبيوتر حتى المحجبات لم يحالفهم الحظ بالعمل في بعض الشركات و كأن المرأة سلعة تدر لهم الزبائن.. وراتب زهيد يكفي للمواصلات وشراء ملابس و أدوات تجميل ضرورية للعمل اللاآمن في أي وقت بعيداً عن الشارع..
ما الغاية من الاعتراض على العمل مهما كان في نطاق الشرف إذا أصبح عمل المرأة إذلالاً لها بدلاً من التسول و السؤال حيث تكون عرضة لأصحاب النفوس المريضة و استغلالهن من أجل حفنة دنانير لا تعطى عن طيب خاطر إلا بمقابل دنيء مهين..!!
أقول لمن قال أن هذه المهنة ثقافة غربية تنقلها الحكومة إلينا، حيث أن عاملات النظافة انتشرت في المغرب و تونس ومصر وليبيا منهم من تخفيّن و منهم من قالت أفضل من العمل في البيوت فأنا المتهم الأول بالسرقة في حال ضياع أو اختفاء أي شيء..
لا ننسى تاريخ المرأة في العمل و الذي حدده لها الاسلام و عملها في الميدان مثلها مثل أي رجل طالما وجدت في نفسها القدرة و جداتنا اللواتي عملن بالحقل من فلاحة و جمع الحطب و حلب المواشي و ملء الماء و هذا عمل شاق بحد ذاته مرافقاً لعملها المنزلي و رعاية الزوج والأولاد و العائلة دون مقابل أو أن رجال زمان تختلف عن هذه الأيام..
بالرغم أن أمانة عمان أظهرت تقصيرها في جمع النفايات المتراكمة بسبب مخلفات الشعب المتذمر من الغلاء و رفع الأسعار فإن عبء لم مخلفات الطعام والرفاهية أصبح عبئاً عليها .. مما اضطرها لمضاعفة كوادرها لرفع دلال الشعب المتراكم في الشارع..
و بدوري فإني أرى عمان ستعود إلى أناقتها و جمالها بلمسة سحرية تضعها عاملات الوطن على أحيائها .. فسيدات المنازل الراقيات اللواتي وصفن المهنة بالمذلة و المهينة عليهن بتربية و تعليم أبنائهن و عائلاتهن نظافة الشارع حتى لا تضطر أي إمرأة أو غيرها العمل لإزالة سوء التربية عن الطريق..