28-12-2013 11:59 AM
بقلم : سامي شريم
يبدو أن الحكومة بدأت تدفع نتائج تفريطها المستمر في مصالح الناس واستهتارها بالمُهمات الجليلة المُلقاة على عاتقها وتقصيرها في الاضطلاع بما يُفترض أن تقوم به من مهام أقلها توفير الوظيفة الملائمة التي يرتكز عليها المواطن في تأمين سكناً ملائماً وعيشاً كريماً يكفل له اساسيات الحياة ، واصبح لدى المواطن قناعة تامة بأن ذرائع الحكومات في إدمان الفشل والتراجع والشماعات التي تجتهد الحكومات في خلقها لتبرير ما وصلت إليه البلاد من أزمة بنيوية شاملة بفعل تراكمات تاريخية وراهنة لم تعد تنطلي على أحد بل اصبحت قناعات الناس التي لا تقبل النقاش بأن شغل الحكومات الشاغل هو تحقيق مصالح كبار منسوبيها وتأمين المكفأت والمياومات وخلق الشواغر وتفصيل المواقع والاحتفال بتوقيع عقود القروض الداخلية والخارجية واستجداء المساعدات والتنازل عن السيادة للمُقرضين والمانحين لزيادة توريط البلاد
ومصادرة حقوق الأجيال القائمة والقادمة .
إن آليات عمل الحكومة وشخوصها وممارستها هي نسخة مكررة للحكومات السابقة ونرجو الله أن لا تكون اللاحقة، فرغم اشتداد الأزمات وحاجة البلاد الشديدة لتطور حقيقي ونهضة شاملة في كافة مجالات الحياة من اقتصاد واجتماع وصحة وتعليم وبحث نجد أن تدوير المناصب وثقافة المحسوبية واستعادة الفاشلين أحياناً والفاسدين أحياناً أخرى اصبح نهجاً يُرقى إلى العُرف والعادة في سياسة شغل المناصب الأردنية وأن صُناع القرار يرفضون التحلي بسياسة المراجعة وشجاعة التصدي للأخطاء، فمن يُريد أن يُجنب نفسه مغبة التراجع عليه أن يُراجع فالذي يُراجع لا يتراجع فالتجارب الفاشلة لا تعني كيانات فاشلة إلا أن الاستمرار في تكرار الفشل دون مراجعة يقود بالنتيجة إلى الكيان الفاشل الذي نرجو الله أن يُجنب الوطن الأردني الوصول إلى منزلقه .
إن الوصفات الجاهزة للاصلاح والقوانين المعلبة مهما كانت عصرية وجذابة والمؤسسات الرقابية بمواصفاتها التي تنسجم مع أرقى المعايير الدولية وحملات العلاقات العامة المرافقة واستخدام الشخص النزيه للموقع لم تعد قادرة على إقناع المواطن ما لم يلمس حقيقة تحسن واضح في مستوى حياته يشعره بالأمان فما فائدة النزاهة إذا لم تقترن بالرؤيا والكفاءة والقدرة ( فهل يصلح إمام المسجد المشهود له بالنزاهة لإدارة شؤن الدولة ) وما فائدة التشريع واتساقه مع المعايير العالمية إن لم يخدم المواطن ويكون مناسباً للواقع الإقتصادي المحلي فما يلزم السويد من قوانين وإن كانت قمة الحضارية والنضوج قد يضر بالأردن في حال تطبيقه فيها وقد يكون عاملاً سلبياً في معيار خدمة الوطن وهكذا فإن لكل دولة خصوصية تستلزم اجتراح وصياغة القوانين التي تناسب ظروف الدولة وتخدم خُططها التنموية.
وباستعراض السياسات المختلفة التي انتهجتها وتنتهجها الحكومات من سياسات مالية واقتصادية وزراعية وتجارية وصحية وتعليمية نجد أننا نتراجع على كافة الصُعدّ، فبعد أن كانت الأردن المنتج والمصدر المتفوق صحياً وتعليمياً في المنطقة والإقليم اصبح يعاني عجزاً مُزمناً في الميزان التجاري وميزان المدفوعات حتى وصل العجز في الميزان التجاري إلى ما يُقارب 50% من الناتج المحلي الإجمالي وهم مستوى مرتفع جداً يعني أن الاعتماد على الصناعة والزراعة والسياحة في تراجع وأن الاعتماد الأكبر على الاستيراد وما له من انعكاسات على زيادة البطالة وضعف القوة الشرائية وزيادة سخط المواطن بما يؤثر على التعايش السلمي بين أفراد المجتمع ويفسر تفاقم العنف الجامعي والمجتمعي وما تلاحظه من انحسار وتلاشي لهيبة الدولة في المحافظات والأطراف حيث اصبحت الحكومة في عمان وضواحيها الغربية واصبح مصطلح حكومة عمان الغربية يطلق على الحكومة الأردنية لتأكل وتلاشي هيبة الدولة وأجهزتها كلما ابتعدنا عن العاصمة فهل تصحو الحكومة وتفعل قوانينها وانظمتها بما يُعيد للأردن الثقه وللحكومة مكانته.
وفي تبادل لأطراف الحديث مع وزير سابق في انتظاري للطائرة في أحد المطارات في المنطقة عن زيارة له لإحدى مدن المملكة قال أنه سمع اطلاق كثيف للنار أثناء تناوله للغداء فأراد النهوض ليتابع ليطمئنه المضيف بأنها حالة يومية اصبحت عُرفاً يذهب عدد من أبناء المنطقة لاطلاق النار بجانب المركز الأمني بقصد استعراض القوة وعلى من؟؟!على أهم أجهزة الدولة!!وما رواه لي ألهمني فكرة الكتابة في هذا الموضوع قبل أن تقع الفاس في الراس!!!.