04-01-2014 01:43 PM
بقلم : غالب سالم عياصره
ذاب الثلج وسالت مياهه فامتلأت السدود و ضاق الناس عدة ايام فضجوا و تنوع نداءاتهم بين طالب للدفاع المدني ومستنجد وبين منتظر ضوء شركة الكهرباء ان يسطع ومنهم من راكب قدميه وأغرقها وسط الثلج وشق طريقا عبر الالاف الامتار لإحضار بعض مستلزمات اطفاله التي لا تنتظر
وفي الجانب الاخر من الصورة البيضاء للأرض اناس كبروا وآخرون تهللت اساريرهم اذ نظروا الى الاشجار الحرجية وهي تعلوها الثلوج فتموج اغصانها و تتراقص ببطء كي تسقط حِمْلُها الابيض لكن الحِمل طال فتدلت الى الارض وسقطت مكسورة مستسلمة دون حراك لتكون غنيمة للحطابين ومراقبي الزراعة وكوادرها الذين راحوا يتسابقون لقطعها .. يتقاسمون تركة الكارثة الثلجية كغيرهم من الناس
ونسوا ان الوطن للجميع وان المواطن اهم من جذع شجرة تحمله جرافة وتسير به مسافات كي تضعه امام بيت مشرف عمل او مراقب ترك الناس ومطالبهم وانغمس في تلبية مصالحه الشخصية ومد يده الى "اكرامية " من هنا وهناك مقابل اغاثة اسرة ما او ثمنا للواجب المفروض عليه ان يقدمه .
وقد ساءني ان تقدمت من بعض المكلفين بمرافقة الاليات المخصصة لإزالة الثلج حيث كان يقف بعيدا عن الجرافة اكثر من خمسين مترا راح يمتع نظره في ارض الثلوج . طرحت السلام عليه فلم يرد التحية ثم كررت علّه لم يسمع ؟ ! لكنه ادار ظهره عني فتقدمت اليه وأمسكت بكتفه وطرحت تحية الاسلام عليه مرة ثالثه فأبى ان يرد التحية فأدركت ان ارض الثلج اعادت اليه لقب المختار في زمن الاستعمار او هبوب الريح في هادية فلسطين او زمن العثمانيون فانتحى الى الكِبر و صم عن سماع تحية الاسلام وبُكم عن ردها
ولكنها لم تطل ايام المختار وخيلائه فسطعت الشمس عدة ايام " فذاب الثلج و بان المرج" لكنه لم يكشف عن مرج كعادته بل عن اشجار قد تكسرت و تحطمت ومنازل تهدمت و مصالح تعطلت وحياة اناس ضاقت من تصرفات امثال المختار .. شاهدوا جناتهم التي زرعوها اوتادا بعد ان كانت مصدرا لرزقهم وقوتهم ومعاشهم.
لكنهم حمدوا الله راغبين اليه في حين ان حكومتنا لم تفكر بما لحق بالمواطنين من اضرار ولم تقم حتى بمجرد احصاء عدد الاشجار المثمرة التي تكسرت ولم تقدر حجم الخسارة التي حلت بالناس بمقدر ما فكرت كيف تجمع الاموال لشركة الكهرباء . فسارعت الى تفعيل قرار رفع المحروقات والكهرباء !!! وسارت على خطى المختار .
وتركت واقع البلديات المؤلم حيث اكتفت بغرف عمليات واحتساب ساعات عمل اضافي للموظفين .
ان ذوبان الثلج كشف ان المواطن اخر اولويات الحكومة ولو كانت مصلحتها عند المواطن لسخرت كل امكانياتها واستعلمت كل الوسائل للوصول وجلبه اليها .