11-01-2014 10:43 AM
بقلم : المهندس وصفي عبيدات
هناك ازدواجية كبيرة في حياة الأردنيين ، فالاردني داخل الاردن غير الاردني خارج الاردن ، فخارج الاردن دائماً ما يكون في قمة الانظباط على عكس ما يكون في بلده ، ففي خارج الاردن تراه يقف متمسمرا امام الإشارة الضوئية الحمراء بانتظار الإشارة الخضراء حتى ولو كان الشارع فارغا ، بينما في الاردن تراه يزاحم السيارات فتظطر الكثير منها للوقوف المفاجئ مما يتسبب في كثير من الحوادث ، في الاردن يقوم الاردني بإلقاء النفايات من شبابيك السيارات وكأن الشارع حاويه للنفايات خصص له وحده دون ان يكون له شريك فيه ، بينما خارج الاردن يكون حريصا على الاحتفاظ حتى بعود الكبريت الذي قد يضعه في جيبه الى ان يجد حاوية للنفايات فيلقيه فيها ، في الاردن يقوم الاردني بإلقاء النفايات في كل مكان الا في الحاويات فتتكون جبال من الزبالة حول الحاويات مما يشكل مكرهة صحية ، بينما خارج الاردن يحرص الاردني على فتح الحاوية بطريقة حضارية فيلقي النفايات فيها ثم يتأكد من إغلاق الحاوية بطريقة محكمة ، نلتزم بكل القواعد والتعليمات في كل مطارات العالم ولا نعير اي انتباه لها في مطاراتنا ، فما ان تحط الطائرة عجلاتها على مدرجات المطار حتى نتاهب لإشعال السيجارة ونلقي باعقابها في اي مكان تنتهي به ، نلتزم بعدم التدخين في كل بلاد العالم في الأماكن الممنوع فيها التدخين ، بينما في الاردن في اكثر الأماكن التي يجب ان لا يُدخن فيه وهو مجلس الامة ترانا نشعل السيجارة والسيجار ولو كان المقام يسمح لاشعلنا الارجيله ، لو ان شرطيا في اي مكان في العالم طلب منا ان لا نتخطى خط اختطه لتنظيم الدور ما تخطيناه ولو وقفنا ساعات ، بينما نضوج ونغضب اذا طلب منا الانتظار ولو لدقائق لتنظيمه في بلدنا .
لماذ نحترم القانون في الخارج ولا نحترمه ابداً في بلدنا ؟ كيف للعالم ان يحترمنا ونحن ننتهك حرمات شوارعنا ومطاراتنا واحياءنا ، ثم نثور ونغضب على الدولة لانها لم تنظف الشوارع والساحات من الأوساخ وأعاقب السجائر ونتهمها بالتقصير ، وانا هنا لا أدافع عن الدولة بقدر ما أدافع عن القيم الضائعة في بلدنا ، الكثير منّا يسافر ويلتزم بقوانين البلد التي يسافر اليها ولكن القليل منّا من يلتزم بذلك في بلده رغم ان ديننا الحنيف قد أمرنا بالنظافة والالتزام بالقوانين والأنظمة فجعل النظافة من الإيمان ، فإماطة الأذى عن الطريق صدقة ، وجعل المحافظة على البيئة عبادة ، تصورا معي كم نستطيع ان نوفر على خزينة الدولة لو التزمنا بتعليمات النظافة والمرور ، حتما سيكون الوفر كبير لان بنظافة البلد سيقل التلوث البيئي وبالتالي ستقل الأمراض وستنخفض نفقات العلاج ، نظافة البلد يعد اهم عامل من عوامل التسويق السياحي ، فكلما ارتفع مستوى النظافة كلما ازداد عدد السائحين الذين يزورون البلد لان الترويج لها سيكون اسهل وأكثر اقناعاً ، فكلما زاد عدد السياح كلما ازدادت إيرادات الموازنة وبالتالي يتم تقليل العجز العام بها ، ناهيك عن تحريك السوق السياحي والذي ينعكس إيجاباً على البلد باسرة ، فأين يكمن السبب ؟
أعتقد ان هناك أسباب عديدة تؤثر في هذا الجانب المهم في حياتنا أهما :
١- عدم نشر الوعي والتثقيف الأسري والمدرسي للطفل في سنوات عمره الأولي ، وهي المرحلة العمرية الحساسة التي تلعب دورا مهما في تكوين شخصية الفرد .
٢- تعطيل القوانين وعدم الحزم في تطبيقها على الجميع بالتماثل
٣-التركيبة الاجتماعية المعقدة التي يتكون منها المجتمع الاردني والذي يولّد نوعا من عدم الانتماء له
٤- الواسطة والمحسوبية التي تعطّل القانون عندما يكون المذنب زيد بينما تفعّله عندما يكون المذنب عمر
٥- الجوع والبطالة الذي بدأ يستشري في جسد المجتمع الاردني والذي يولّد اللامبالاة عند العاطلين عن العمل ويولد لديهم شعور بان البلد الذي لا يقدم لمواطنه فلا يستحق ان يقدم له المواطن .
انني وككثيرين من ابناء هذا الوطن الغيورين عليه نشعر بالأسى والحزن على ما آلت اليه الأمور من عدم مبالاة وحبٍ لتراب الوطن ونأمل من الله ان يتغير الحال الى أفضل منه .