بقلم : محمد اكرم خصاونه
إن راتب الضمان الإجتماعي هو النزر اليسير الذي يدخره المرء لسنوات عمره المتبقية في زمن الجدب والقحط ، في زمن الفساد الذي أطاح بخيرات البلد ، إنه العكاز الذي يتوكأ عليه من أفنى زهرة شبابه في خدمة الوطن ، أو من كان خارج الوطن وقام بشراء راتب من مدخرات أيامه وحياته الجميلة لقادم أيام العقيمة ، وهو قلة من النقود لتقوم أود ما تبقى للمرء في هذا الزمن الذي نخر العظم ، و أذاب اللحم ، وسلب البصر والسمع من شدة من نرى ونسمع من فئة البغي والفساد التي لا ترعوي، والتي لا تخاف الله في نهب مقدرات وثروات ناس أبرياء وضعوا مدخراتهم في مؤسسة نرجو ونأمل أن تكون أمينة عليها ، ونتمنى أن لا تبددها في مشروعات خاسرة ، وأن ولا يتسلط عليها من همه جيبه وبقاء كرشه منتفخا بمال حرام يسلب مال فئة كبيرة من أبناء هذا الوطن دون خوف وخشية أو رحمة بهولاء الضعفاء البسطاء.
الضمان الإجتماعي مؤسسة كبرى قامت ونمت ، وكبرت وتطورت ، بمال وعرق الكثيرين من كادحي الأردن الذين يتمنون في آخر أيامهم ان يجدوا بعض الدريهمات والدنانير بعيدا عن العوز ، وبعيد عن الفاقة ومد اليد ، وبعيد عن سواد الوجه، وبعيدا عن إستدرار العطف سواء كان من الأبناء أو الأقارب او غيره ، إنه مال من وضعه بنفسه وإختار هذه المؤسسة لتكون خير من يحافظ عليه ويستغلها بمشروعات تعود بالربح وليس الخسارة وأن تكون هذه المشروعات في الحلال وفي ما يرضي الله .
نأمل ان لا تكون عين الحكومة الفارغة قد وضعتها نصب عينها طمعا في هذه الأموال ، وأن لا يكون للحكومة أية نية في ذلك ، لأنها لم تساهم به ، أنه مساهمة أبناء الوطن بانفسهم فيها من عملهم من كدهم من تعبهم ، من جهدهم وعرقهم .
نرجو من رئيس الوزراء الذي تنبأ بنضوب أموال الضمان كما طلع علينا بطلعته البهية أن يبتعد عن هذه المؤسسة وجميع مسؤولي الدولة الذين ، لا هم لهم إلا جيوبهم وكروشهم المنتفخة ، وأوداجهم النافرة ، اتركوا الضمان لأهله، عليكم يا رجالات الحكومة بالفاسدين ، إقبضوا عليهم ، أمسكوا بهم ، حاربوهم، حاكومهم ، ردوا ما تم نهبه وسرقته ومن أموال ، ومن ثروات ومقدرات هذا الوطن وإتركوا أموال الضمان لأصحابه الموظفين والمدخرين والكادحين.
ولي تساؤل وكما الكثيرين من أبناء هذا الوطن أين وصلت قضية ال90 مليون التي إختفت من الضمان ؟ وأين المتابعة لمعرفة من قام بهذا العمل الدنيئ؟ وهل سيتم إستردادها وعودتها لحضن الضمان أم أنها تبخرت كما تبخرت ملايين ومليارات!!؟؟ وهل سيظهر رجل شريف يبين الحقيقة عن هذه الأموال التي هي ملك لأبناء الوطن ؟ أم أن هناك رأس كبيرومتنفذ يخفي الحقائق، ويعبث بالوقائع ، برغم أن الحقيقة معروفة ومعلومة ولا تخفى ولا تنطلي حتى على طفل جاهل يرقد في سريرة ويعبث بحفظاته!!؟
نحن في الأردن عانينا ونعاني من كثرة السارقين ، من كثرة المبتزين ومن كثرة اللصوص المارقين ، سارقي المال العام ، ناهبي مقدرات الوطن ، ولكن حين تنجلي الحقيقة ويبدد فجر الحق ظلام الإستبداد سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
وأخيرا إلى كل شهم وغيور على هذا الوطن من له منصب ومن له قدرة ومعرفة بحقيقة ال90 مليون من أموال الضمان فليعلنها صريحة أين هي ؟ ويبين لنا من حاول إخفاء أو طمس أوسرقة هذه الأموال ،، لا بارك الله فيه ، ولا جعل له الله فيها طعما للراحة ، وجعلها الله عليها وبالا ، وجعلها أسقاما عليه في الدنيا ، وستكون عليه يوم القيامة نارا ، ربنا إنك تعلم أننا لا نقوى على من فسد وأفسد وسرق وظلم وطغى وتجبر ، فعليك بهم يارب يا قوي يا مقتتدر فإنهم لا يعجزونك.