22-01-2014 10:56 AM
بقلم : الدكتور محمد عمر الفقيه
الخطر الطائفي هو الغول الذي يهدد وجودنا جميعا
وإذا لم نكن بمستوى الخطر الذي يتهددنا جميعا فإن المستقبل مظلم جدا
وأسوأ مما نتوقع
وانطلاقا من واجبي كمسلم وكإنسان كرمني الله على كثير من خلقه
سأحاول بقدر استطاعتي أن أسهم في وضع خارطة طريق
يمكن من خلالها الخروج من مأزق الطائفية والالتقاء على كلمة سواء
ومن أهم مبادئ خارطة الطريق التي ينبغي علينا جميعا تأملها والعمل بها
هي على النحو الآتي :
المبدأ الأول :إلغاء كل التسميات الطائفية ، فالله تعالى أطلق علينا صفة مسلمين
قال تعالى :... وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ
الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى
الناس..... إذاً كل من يؤمن بما جاء في القرآن الكريم ويحلل حلاله ويحرم حرامه
هو مسلم وحسب
فمن أين جئنا بهذه المسميات هذا سني ... وهذا شيعي ... وهذا أباظي... وهذا زيدي
إلى غيرها من الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان
علما بأن الله تعالى نهانا أن نتفرق شيعا وأحزابا قال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ
شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ.
فكل هذه الفرق والجماعات جاءت في ظل ظروف سياسية معقدة في القرن الأول
والثاني الهجريين ، فالمسلم المعاصر الآن مدعو إلى التحرر من كل هذا التسميات وأن
يعود إلى التسمية التي ارتضاه الله له وهي الإسلام والإسلام فقط دون أي إضافة .
المبدأ الثاني : الاعتماد على القرآن الكريم فقط فيما يتعلق بالعقائد لان العقيدة لا تقوم
إلا على أدلة قطعية في ثبوتها ودلالتها ولو رجعت كل الطوائف والفرق الإسلامية إلى
القرآن الكريم فقط في عقائدها لما اختلفت ولما تفرقت وما حصل الاختلاف إلا بسبب
تعدد المرجعيات العقائدية والتفسيرات والتأويلات البعيدة عن روح القرآن الكريم ، فالقرآن
الكريم عرض العقيدة بأسلوب واضح ومبسط ولا يحتاج إلى تفسير ولا توضيح وهذا ما
تميزت به العقيدة الإسلامية ، وما اختلف الناس إلا بعدما أدخلوا المنطق وعلم الكلام
والفلسفة إلى العقيدة الربانية السهلة البسيطة .
المبدأ الثالث : فيما يتعلق بالإحكام الشرعية والمتعلقة بقضايا فقه العبادات والمعاملات
وقضايا الفكر يمكن الرجوع إلى الأدلة الظنية في ثبوتها ودلالتها سواء كانت من القرآن
الكريم( كله قطعي في ثبوته) أو السنة النبوية الصحيحة وهنا تأتي مساحة الاجتهاد
والاختلاف في الرأي وهذا يحكمه – مقولة - رأيي صحيح يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ
يحتمل الصحة .
المبدأ الرابع – التمييز بين القرآن الكريم وبين التراث فالقرآن الكريم مقدس ولكن التراث
والتاريخ ليس مقدس لان التراث والتاريخ إنتاج بشري ، ولسنا ملزمين أن نقدس أحد من
البشر مهما علة مرتبته إلا الأنبياء فقط والمنهج الرباني في ذلك قال تعالى : تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ
خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
فالتاريخ للأسف هو السبب الآن في كثير من الخلافات والنزاعات التي تحصل الآن
فينبغي أن نتجاوز كل ما من شأنه أن يؤدي إلى الاختلاف من خلال إتباع المنهج القرآني
في التعامل مع التاريخ. فالمسلم ليس مكلف بتفضيل أحد الصحابة على غيره ولن
يسأله الله تعالى يوم القيامة من هم المبشرون بالجنة، ولا من هو الصحابي الأولى
بالخلافة ، ولا من هي سيدة نساء أهل الجنة .
إن هذه المبادئ الأربعة إذا تم الإيمان بها والعمل بمقتضاها كفيلة أن تعيدنا إلى المربع
الأول الذي أرادنا الله تعالى أن نبقى في إطاره ألا وهو الإسلام النقي الصافي إسلام بلا
فرق ولا جماعات ، وما لم نتفق على هذه المبادئ ونعود إليها فإن مزيدا من التشرذم
والاقتتال والدماء والخراب في انتظارنا أقولها بكل أسى وبكل مرارة
والله تعالى اسأل أن يردنا إلى ديننا ردا جميلا وأن يعصم دماءنا وأموالنا وأعراضنا إنه
سميع مجيب .