25-01-2014 10:37 AM
بقلم : اللواء الركن المتقاعد وليد النسور
عندما كنا طلابا في الجامعه الاردنيه لمرحلة البكالوريس عام 1976 ثم في مرحلة الماجستير عام 1993 ايضا , كان استاذي ومعلمي معالي الدكتور محمد الذنيبات (وزير التربية والتعليم حاليا ) اطال الله في عمره صاحب الفكر والعلم الحصيف , يدرسنا مادة الرقابة الادارية والاصلاح الاداري , وكان ولا زال يتمتع بأسلوب ممتع يغرس في النفس ثقافة حب الوطن والولاء والانتماء كرسالة وممارسه , كان استاذي العزيز يقول عبارة مشهوره "ان الاصلاح يكون باصلاح النفوس اولا قبل اصلاح النصوص " وهذه العباره تعتبر حكمه ومنهج نظري وعملي لطريقة الاصلاح المثلى في مختلف مجالاته .
الناظر هذه الايام يرى ان هناك جملة من القوانين والانظمه والتعليمات والقرارات الحكومية الناظمه لاجراءات وطرق العمل على مختلف الصعد قد اجريت عليها جراحات صغيره وكبيره وحملت باحسن العبارات الفقهيه القانونيه , لكننا نرى ان هذه المجموعه من التشريعات غير فاعله في الواقع بشكل تام , لغياب التطبيق العملي لمبدأ العداله والمساواه , والذي هو اساس السياده والرقي وتحقيق الذات وصولا الى مجتمع مثالي قوامه الاخلاق وعناوينه المحبة والتسامح والايثار والصدق .
ولكن يبقى السؤال كيف نصلح النفوس ونحن نشهد في مجتمعنا الاردني ظواهر غريبة علينا ولكنها استقرت في النفوس مثل انواع الفساد المختلفة والتطاول على المال العام والعنف الجامعي والتخريب والغش الفاضح بالامتحانات ..الجواب يكمن بثلاث كلمات اذا تم العمل بهن سيتم اصلاح النفوس وبالتالي اصلاح المجتمع كنتيجة حتميه (عدلـــــت فأمنـــــت فنمـــــت ) وهذه الكلمات هي العداله والمساواه والقصاص . فكثير من الناس حتى اصحاب الدرجات العلمية لا يفرق بين العدل والمساواه فالعدل معناه اعطاء كل ذي حق حقه والمساواه تكون في الحقوق والواجبات .
ان النفس البشريه بفطرتها تطمئن وترضى عندما ترى - وبالممارسة العملية وليست النظريه- ان هنالك عدالة في مختلف الجوانب التي تهم الانسان في هذا البلد (التعليم , المعالجه , قبولات الجامعات , التعيينات , البعثات .... ) , يقول الفيلسوف الفرنسي المشهور مونتيسكيو "نحن عندما نتكلم فاننا اصحاب مبادئ , ولكن عندما نتصرف نصبح أصحاب مصالح " .مع اقرارنا واعترافنا بان العدل المطلق والحق المطلق لله سبحانه وتعالى وان باقي الامور نسبيه .
قبل فترة وجيزة من الزمن كان جلالة سيدنا أطال الله في عمره يتحدث أمام المشاركين في مؤسسة ال البيت الملكية للفكر الاسلامي حيث أكد على حقوق المواطنه والمساواه والعداله كمتطلبات اساسيه لاستمرار الدولة والانظمه, فحقوق الناس في المواطنه والعداله والمساواه- بعيدا عن المزايده ورفع الشعارات- هي الملاذ لمواجهة مسلكيات الاقصاء والتكفير والفساد والعنف والعفن الفكري والاخلاقيات الفاسده .
فلماذا يا حكومتنا ومسؤولينا اخفيتم مبدأ العداله والمساواه وأدرجتم مكانه مبدأ الواسطه والمحسوبيه ونحن تحت ظل دين الاسلام السمح دين العداله والمساواه والتسامح والايثار .. أليس ذلك مخالفه شرعيه دينيه اخلاقية سنسئل عنها يوم القيامه !!! اننا اذا حققنا العدالة النسبيه على كافة المستويات وأصبحت هي شعار حياتنا نظريا ومنهجيا وسلوكيا وعمليا , ولبسنا عباءة الهاشميين أنصار الحق وأسياد العرب –الذين ما سيدوا الا بعدلهم ومحبتهم وتسامحهم – حينها نكون قد أرضينا خالقنا وأنفسنا ومجتمعنا .
هل الرسالة وصلت يا حكومتنا الرشيده ؟ اتقوا الله ولتكن نقطة مراجعه للقرارات المتخذة والتي ستتخذ , وكفانا همزا ولمزا واستخفافا بالناس وبعقولهم , وليكن شعارنا العداله والمساواه ومخافة الله .
حمى الله البلد وأطال في عمر جلالة سيدنا الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم .