25-01-2014 10:47 AM
بقلم : أ.د رشيد عبّاس
انتهت امتحانات شهادة الثانوية العامة / الدورة الشتوية للعام 2013/2014 بخيرها وخيراتها , وقد نجح معالي وزير التربية والتعليم بكل المعايير , نجح بتعاون جميع الجهات المعنية , وأعتقد أنه كالصائم المحتسب , له فرحتان , فرحة في الدنيا لأنه ضبط العمل , وفرحة في الآخرة لأنه أتقن العمل , والله اعلم , ولكن علينا هنا كنظام تربوي أن نقف ونتوقف عند الأهم , وهو ما الدروس والعبر والخطط والاستراتيجيات المستفادة التي ينبغي أن نأخذها بعين الاعتبار من هذه الدورة ((الحرجة)) في امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة , من اجل إعادة ألق هذا الامتحان ؟
في هذا السياق يمكن الحديث عن مجموعة من القضايا التربوية التي ينبغي الانطلاق منها لأغراض التطوير والتحسين التربوي , من أهمها هو ضبط عمليات ((التدريس والامتحانات)) , وهنا لا يمكن بأي شكل من الأشكال فصل التدريس عن الامتحانات , أو فصل الامتحانات عن التدريس , فالامتحانات العامة كامتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة تتطلب مهنية عالية في التدريس , والتدريس الفعال يتطلب مهنية عالية في الامتحانات , وهذا يتطلب تفاعل حقيقي بين ثلاثة عناصر داخل ((الغرف الصفية)) تتمثل في : المعلم والمنهاج والطالب .
الامتحانات العامة , كامتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة , هي امتحانات كاشفة لواقع التربية والتعليم , وبالتحديد كاشفة لفعاليات التدريس داخل ((الغرف الصفية)) , فالغرف الصفية هي بيت الخبرات التربوية من حيث إمكانية إكساب الطلبة للمهارات الأساسية اللازمة لهذه الامتحانات , وتتمثل هذه المهارات في : مهارة إدارة الوقت المخصص للامتحان , كون مدة الامتحان جزء لا يتجزأ من الامتحان , ومهارة تنظيم وترتيب إجابة الطالب على السؤال , ومهارة إعطاء أولويات اختيار السؤال المنوي الإجابة عليه وكتابة رقمه , ومهارة مراجعة إجابة السؤال بعد الإجابة عليه مباشرة , ومهارة المراجعة النهائية لجميع إجابات الأسئلة , هذه المهارات وغيرها يجب أن يكون طلبتنا قد اكتسبوها داخل ((الغرف الصفية)) قبل امتحانات شهادة الثانوية العامة .
إنني على يقين تام , أن معالي وزير التربية والتعليم الحالي , قد وضع حجر الأساس لإجراءات إصلاح العملية التعليمية التعلمية برمتها , وأنه سينطلق من بيت الخبرات ((الغرف الصفية)) وامتداداتها , كون الغرف الصفية هي الحاضنة الحقيقية لكل العمليات التربوية وبالذات عمليات ((التدريس والامتحانات)) , كيف لا ؟ وان التدريس الفعّال هو التحدي الأكبر لجميع متطلبات الامتحانات الدولية والامتحانات الوطنية والامتحانات المحلية , وهذا لن يتحقق دون التفاعل الايجابي ما بين المعلم والمنهاج والطالب داخل هذه الغرف .
لقد أصاب ما أصاب واقع العملية التعليمية في السنوات الماضية من ترسبات وتراكمات سلبية داخل هذه الغرف , كان لهذه التراكمات والترسبات الأثر البالغ على عمليات ((التدريس والامتحانات)) في نظامنا التعليمي , وقد امتدّت هذه التراكمات السلبية لتشكل ثقافة راسخة لدى المجتمع , تمثلت في امتحانات شهادة الثانوية العامة , كون القبول في الجامعات الأردنية يعتمد على نتائج هذا الاختبار , وعلينا هنا أن نتعاون جميعا لتخليص مجتمعنا من هذه التراكمات والترسبات السلبية , المتعلقة بعمليات ((التدريس والامتحانات)) .
وهنا علينا أن نقول بكل صراحة لبعض المشككين في قدرات معالي وزير التربية والتعليم الحالي في إيجاد نقلة نوعية في نظامنا التعليمي من خلال ضبط عمليات ((التدريس والامتحانات)) , نقول لكل هؤلاء : عليكم أن تدركوا ما قاله ((ماوتسي تونغ)) , حيث قال : مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة ! ويقال هذا المثل عندما تكون هناك نية للقيام بعمل يحتاج إلى جهد ووقت كبيرين , فإصلاح العملية التعليمية التعلمية برمتها تحتاج إلى نية صادقة , , وتحتاج أيضا إلى جهد ووقت كبيرين , وهذا متوفر ومتوافر لدى معالي الوزير , فعندما نريد السير في طريق طويـــــل ، فإننا نبدأه بخطــوة ، تتلوها خطــوة ، وهكــذا حتى نصـل إلى هدفــنا النهائي , ولكن : هل تبــادر إلى أذهاننا ، أو سمعنا يوماً عن أحد ما قطع الطريق الطويـــل ووصــل إلى هدفــه في خطـــوة واحــدة ؟ طبــعاً ((لا)) ، إذاً لنبدأ مسيرنا ومشوارنا خطـــوة بخطــوة حتى نصــل , ولنعلم أنه حتى لو أسرعنـــا الخطى ، سيكون مسيرنا خطــوة تتلوها خطــوة , ولكن : لنكن حذرين أين نضع أقدامنا عند المسير , وهكذا تكون خطواتنا من أجل تطوير التعليم , وإعادة ألق امتحان شهادة الثانوية العامة , ... لا نسـرع ولا نتوقــف ، حتى نصـــل , وسنصل بإذن الله .