بقلم :
دعونا نتفق اولا ان الأصلاح اصبح ضرورة ملحة وحاجة ماسة داخلية لأي بلد ولأي شعب ولم يعد ترفا تمارسه النخب الفوقية والمعزولة ...وبعد احداث 11 / ايلول على الأراضي الأمريكية رأينا امريكا قد سارعت للتقدم بمشاريع وخطط للأصلاح بما يتوافق مع مصالحها اساسا قبا مصالح الشعوب المتضررة من الأرهاب والهيمنة والأستبداد ..وكم كانت الشعوب العربية تستغيث من استبداد حكامها ..ولا مغيث ..وكم استجارت الدول والشعوب العربية من البلطجة الأسرائيلية وانتهاكاتها المستمرة للقانون الدولي ..ولم تستمع امريكا ( تحديدا ) ...بل واصلت دعم الأنظمة الحاكمة في البلاد العربية ومساندة اسرائيل في هيمنتها وما تمارسه من بلطجة علنية امام سمع العالم وبصره ...اما الأنظمة العربية التي كانت توهم شعوبها بأن الدعوة الى الأصلاح ما هو الا مؤامرة مؤيبة وممولة خارجيا لحساب الأجنبي ...فقد اضظرت تحت ضغط توجهات المجتمع الدولي الى الرضوخ والتسليم بضرورة الأصلاح وتوسيع دائرة المشاركة والأقرار بالتعددية واجراء انتخابات نيابية ...الخ من الأجراءات التي تأخذ هذا المنحى ...والأصلاح من حيث المبدأ ..هو مصلحة عليا لكل الشعب ولكل الأمة ...ومن هنا تأتي اهمية مشاركة الحكومات مع مؤسسات المجتمع المدني من احزاب وقوى سياسية ونقابات واتحادات مهنية واجتماعية وحتى رجال الأعمال الوطنيين .. ...ولا بد للأصلاح ان يكون شاملا : دستوريا وقانونيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وتربويا ودينيا وغير ذلك ...والأصلاح بهذا المعنى هو مسألة كونية وعالمية وسياق تاريخي شامل ... اذ لا يمكن فصل اي جزء من العالم عن العالم ككل ...فالعالم كان وما زال وسيبقى عالما متشابكا مترابطا متفاعلا بمصالح ومنافع مشتركة ..والآن اصبح من غير الممكن تبرير عدم الأخذ بالأصلاح بسبب المخاطر الخارجية ( الواقعية او المفتعلة والمختلقة ) ..بل ان الشروع بالأصلاح واعتماد النهج الديمقراطي يقلل مبررات وفرص التدخل الخارجي والهيمنة الأجنبية ...وانه لمن الأستخفاف بتضحيات الشعوب ونضالاتها المتراكمة عبر السنين الطوال عندما يعزو البعض ( من اصحاب الأجندات الخاصة ) الأصلاح الى ارادة خارجية ..اذ لا يمكن اختزال تضحيات شعوبنا وقواها الحية عبر سنوات القرن العشريت بأكمله لصالح دعوات مشبوهة في التوقيت والمحتوى ..ولكن لا شك ان الأصلاح في بلادنا العربية يستفيد من البيئة والمناخ الدوليين وتوجهاتهما نحو الأصلاح وتعميم الديمقراطية ...وهنا لا بد من التنويه بأن الديمقراطية المنشودة لبلداننا العربية والأصلاح والتغيير.... لا يمكن فصل كل ذلك عن حقوق الأنسان والوطنية بمفهومها الأعم والأشمل ...ذلك ان الوطنية بدون ديمقراطية ستقود بالضرورة الى الأستبداد ( بحسن نية او بسوءها ) والديمقراطية دون افق وطني ستؤدي الى الأنقياد لمصالح الأجنبي وقبول الهيمنة الأجنبية ...