29-01-2014 03:27 PM
بقلم : علي الحراسيس
... بعد ان فرغت "المبادرة النيابية" من تحقيق بعض مطالب المشروع الامريكي لتصفية القضية الفلسطينية وتحميل الاردن اعباء تلك الازمة من خلال" فرض" قوانين وتعديل قوانين تتيح توطين وتجنيس ابناء الشعب الفلسطيني تحت مسميات مخادعة ، هاهم اصحاب المبادرة النيابية يتقدمون بورقة تتعلق باصلاح التعليم والتعليم العالي في وقت يبدو ان لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب أخر من يعلم بها ، حيث تتقدم هذه المبادرة بتجاوز كل مهام واعمال لجان المجلس النيابي وتقفز عن دورها الدستوري بالرقابة والتشريع وتضع لنفسها اجندة الاستيلاء على مهام الكتل الاخرى ودورها ،ويبدو ان للمبادرة دور اكبر من كونها كتلة نيابية !! فهي تغوص في كل مرافق الدولة وتتلاعب بها ،وهناك حديث عن اجندة تتعلق بامتداد سطوتها وتدخلها على الجهاز الامني والعسكري ، وكأن صاحب المبادرة قد حاز على " عطاء " اعادة تشكيل الدولة وفق رؤياه "الكارنيجية " بما ينهي ما تبقى منها بعد ان تآكلت وضعفت وترهلت !!
وتأتي ورقة "المبادرة النيابية " المتعلقة باصلاح سياسات التعليم والتعليم العالي التي نشرت امس في مواقع عده واضحة المعالم للسير بتدمير ما تبقى من اصول تعليمية وتربوية تطيح بهذه المؤسسات ، ويمكن ايراد بعض الملاحظات التي اشتملت عليها الورقة بما يلي :
- اولا " توصي المبادرة بقبول 50% فقط من خريجي الثانوية في الجامعات ..مما يعني حرمان الألأف من ابناء الوطن من مواصلة دراستهم في الاردن !! فربط التعليم بالوظيفه هو ربط " ساذج " وغير حضاري ، ولايجوز الحد من اقبال الناس على التعليم بحجة عدم وجود وظائف ، فالتعليم حق من حقوق البشر ، وكان يمكن للمبادرة ان تنادي بمجانية التعليم واتاحته لجميع الناس والغاء كل انواع التعليم الموازي والدولي والمنح الاستثنائية التي غالبا ما تذهب الى الاغنياء دون الفقراء ، وهناك غمز ولمز حول المنح والبعثات التي يستفيد منها ابناء الوطن من القوات المسلحة والاجهزة الامنية والبادية الفقيرة والمناطق الاقل حظا ورعاية و التي لا تتوافر فيها ظروف تعليمية مناسبة ، وكنا سمعنا من بعض المغرضين تلك الدعاوي منذ اكثر من عامين ...
- ثانيا : تتحدث الصيغة عن تطوير التربية والتعليم ومناقشة قضايا المناهج والادارة والصلاحيات والابنية وتطويرها ، ولم تأتي على ذكر المعلم وسبل تعزيز دوره واداء رسالته على اكمل وجه في ظل اوضاع معيشية صعبة يعيشها ،فتجاهل المعلم وواقعه لايمكن ان ينجح اية عملية تعليمية ما لم تلبي مطالبه وتعزز رسالته بمنحه المزيد من الدعم المالي والمعنوي .
ثالثا " لم يتحدث الوثيقة عن وضع منهج وسياسات ترفع من وعي الطلبة وتدفعهم للمساهمة في بناء وطني فاعل يفرغ طاقاتهم ويوجهها نحو البناء والتطوع لخدمة الوطن سواء اكان عبر اتحادات او منظمات طلابية او برامج لامنهجية تزيد من مساهمتهم بخدمة الوطن سواء اكان في المدارس او الجامعات وبالتالي لم تتحدث الورقة عن اسس اعادة تشكيل الطالب وتمكينه ببعض البرامج وتطوير وعيه اجتماعيا وسياسيا وحضاريا وابعاده عن مجالات العنف التي تزداد يوما بعد يوم .
رابعا : تقرر" المبادرة " تشكيل مجلس وطني اعلى للموارد البشرية ، يمنح صلاحيات التنسيب بتعيين رؤساء الجامعات ونواب الرؤساء واقرار الموازنات العامه والمشاريع كبديل عن مجلس التعليم العالي والغاء وزارة التعليم العالي واناطة التعليم العالي بمجلس " معين وليس منتخب " يحل ويعين وينسب من يشاء ، ولم تتطرق الورقة الى ضرورة دمقرطة تلك المؤسسات ومنحها الصلاحيات والاستقلالية كما هي غالبية الجامعات في العالم والدول العربية منها حيث تلجأ لانتخاب رؤساء جامعاتها ونوابهم ضمن اطار ديموقراطي تسير عليه ،وهذا المجلس سيعزز من المركزية ويتدخل في شؤون التعليم العالي بشكل سافر وغير ديموقراطي ،وكما عانى المواطن من الغاء وزارة التموين ودورها في الرقابة والجودة والضبط ،سيعاني كذلك من الغاء وزارة التعليم العالي ومجلس التعليم العالي ونصل لمستوى متدن مركزي واستقوائي غير ديموقراطي تعاني منه مؤسساتنا التعليمية مستقبلا .
- خامسا : تقرر " المبادرة "إعطاء هوية تخصصية محددة لكل جامعة بدلاً من تكرار تدريس تخصص محدد في كل الجامعات ، ويبدو أن هذه الاقتراح وجد لتلبية مطالب احد القائمين على جامعة شبه حكومية كي تنفرد بتدريس تخصص او اثنين فقط دون بقية الجامعات كما اشيع مؤخرا وبرسوم دراسية عالية لاتمكن إلا المقتدرين فقط من الالتحاق بها ، مما يعزز المركزية ويزيد من اعباء الطلبة للتنقل من محافظة الى محافظة لدراسة التخصص وما يتطلبها من اعباء مالية ونفقات تثقل كاهل الطلبة ، وهو اقتراح يخالف تأسيس تلك الجامعات لخدمة وتنمية المناطق وابنائها .
وهناك العديد من الملاحظات التي يمكن الاشارة اليها ضمن اقتراحات " المبادرة التي علق احد افراد النخبة ممن اطلع على هذه الوثيقة بالقول انه يقترح ان يقوموا بتسليم البلد كلها لصاحب "المبادرة النيابية" ويحل مجلس النواب والاعيان ويمنح لقب " السير " لادارة الدولة والحكومة طالما أن هذا الرجل يسعى كما يتضح لتخريب بلادنا وتدمير مؤسساتنا بما يقدمه من اقتراحات يبدو انه تلقاها من " كارنيجي " للتلاعب بمؤسسات الدولة واعادة تدويرها بما يتلائم مع مشروع اضعاف الدولة الاردنية وهدم اركانها وزيادة معاناة شعبها ..
علينا ان نكون حذرين من مبادرات تلك الكتلة الغريبة في مجلس النواب ، فهاهي تقفز عن دورها التشريعي والرقابي وحتى عن دور اللجان الاخرى في المجلس صاحبة الاختصاص الى افاق اعادة تشكيل الدولة ،ولولا الدعم الذي يتلقاه الرجل من اركان الحكم لما استطاع ان يقفز تلك القفزات التي لم يتنبه لها النظام بعد والتي يبدو انه اقنع بها النظام باعتبارها خططا حضارية تنموية وتطويرية كما فعل ثعالب التخاصية من الفاسدين واوصلوا بلادنا الى مأزق اقتصادي واجتماعي بسبب سياسات بيع وخصخصة ثرواتنا ومؤسساتنا الوطنية ..