02-02-2014 11:02 AM
بقلم : ابراهيم ارشيد النوايسة
ما أحوجنا إلى العودة لكتاب الله جلا وعلا وسنة رسوله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم نقتبس منهما الهدى والنور ونتفيأ ظلا لهما الوارفة وننهل من نبعهما الصافي ونسترشد بهما في حياتنا الوظيفية .
وإذا كانت الرقابة الذاتية النابعة من ضمير الموظف وشعوره بالمسؤولية هي انجح وسائل الرقابة فان القران الكريم والسنة النبوية حافلان بالنصوص الكريمة التي تنمي هذا الشعور في نفس المسلم وتدفعه إلى أداء عمله على الوجه الذي يرضي ربه ويريح ضميره مستشعراً عظمة الله وموقناً بأن الله تعالى رقيب على أعماله مطلع على أسراره عالم بخفاياه محيط بكل تصرفاته كما قال سبحانه وتعالى " إن الله كان عليكم رقيبا " الآية 1 سورة النساء ، وبقول الحق تبارك وتعالى " يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد" الايه 6 سورة المجادلة.
تعد الرقابة الإدارية من مهام كل مدير في جميع المستويات الإدارية ابتداء بالمدير العام وإنتهاء بالعمال والإداريين ومشرفي المختبرات والمراكز المختلفة .
وتمارس على كل شئ في التنظيم ابتداًء بالأفراد، والأموال والأجهزة والمعدات والآلات، وعلى كيفية القيام بالعمل، وعلى العمليات والأنشطة الإنتاجية والتعلمية والتمويلة والإستثمار ... إلخ، ومن هذا المنطلق تعتبر العملية الرقابية شاملة لجميع نشاطات وموجودات الجامعة بما فيها الوحدات الإدارية وشعبها الجامعية المختلفة .
كما أن الرقابة ليست وظيفة مستقلة ومنفصلة عن الوظائف الإدارية الأخرى حيث أن وظيفة التخطيط نفسها تحتاج إلى رقابة وبنفس الوقت فإن وظيفة الرقابة تحتاج إلى تخطيط وتنظيم حتى تتم على أحسن وجه، غير أن فصل الرقابة هنا عن غيرها من الوظائف يتيح لنا مجال تحليلها وتفهم طبيعتها.
إن دور جهاز الرقابة في أداء دورها المالي الذي يتمثل في كونها مجرد أداة للتحقق من مدى سلامة التصرفات المالية التي تقوم بها الوحدات والدوائر المختلفة، والتأكد من مدى شرعية هذه التصرفات ومدى مطابقتها للقوانين واللوائح المنظمة لها للكشف عن أي مخالفات مالية تمت، بل امتداد دور الرقابة ليغطي جوانب فحص وتقييم عناصر الكفاءة والفاعلية لمختلف الأنشطة التي تمارسها هذه الوحدات ، وأصبح هذا الأتجاه أمرًا حتميًا وهامًا وضروريًا ولا يقل أهمية عن فحص النواحي المالية إن لم يزيد، ويرجع السبب في ذلك إلى أننا يجب أن ننظر إلى النتائج النهائية التي تحققت من وراء انفاق الأعتمادات المالية المختلفة بنفس الدرجة التي ننظر بها فحص مدى سلامة وقانونية عملية انفاق هذه الاعتمادات، ولو أن اجهزة الرقابة والمراجعة في الجامعة وغيرها تأخذ في اعتبارها تقييم عناصر الأقتصاد والكفاءة والفاعلية إلى جانب النواحي المالية، لاصبحت عملية الرقابة والمراجعة ذات مدلول وفائدة كبيرة في مجال تحقيق أهداف الرقابة الشاملة " المالية والإدارية " على السواء وفي مجال تطوير تقييم أداء الأنشطة والبرامج التي تتولاها الأجهزة والوحدات الإدارية الجامعية.
لابد لهذا الجهاز الهام الذي يعتبر صمام الأمان للجامعة الأردنية تفعليه بشكل أكبر من ذلك ، بل يجب من وجهة نظري أن يعمل هذا الجهاز على زيارات ميدانية دورية مكثفة لمختلف الدوائر والوحدات والكليات والمراكز وجميع مرافق الجامعة الأردنية بشكل ميداني لتعزيز روح التواصل والبحث عن أماكن الخلل ومعالجتها للخروج بنتائج من شئنها تعزيز دور الرقابة الإدارية والأكاديمية والتي سوف تسهم بشكل ايجابي من تطوير العمل والنهوض بالجامعة الأردنية إلى مصاف الجامعات العالمية المتقدمة .
وذلك بتقديم أفضل ما لديها من طاقات وامكنيات في تحسين جودة العمل والذي سوف ينعكس بشكل ايجابي على العمل الإداري والأكاديمي .
يقول الدكتور محمد المغري ( تقارن الرقابة الأدارية بأداة الثيرموستات التي تستخدم لتنظيم الحرارة في المباني، ويعمل الثيرموستات على قياس درجة حرارة البيت ومقارنتها بدرجة الحرارة المطلوبة، فإذا كان هناك فرق بين درجتي الحرارة يقوم الثيرموستات بفصل التيار أو وصله حتى تصل درجة حرارة البيت إلى المستوى المطلوب، ويمكن القول بأن هناك العديد من النشاطات في المشاريع الإقتصادية التي تحتاج إلى رقابة مماثلة وذلك من جراء قياس النتائج الفعلية ومقارنتها بالخطط المرسومة ثم اتخاذ الإجراءات الضرورية لتصحيح الأخطاء حتى تقترب النتائج الفعلية أكثر ما يمكن من الهدف المطلوب(.
لقد مارس النبي صلى الله عليه وسلم الرقابة على عماله، ففي صحيح البخاري عن أبي حميد الساعدي قال استعمل رسول الله { رجلا على صدقات بني سليم يدعى بن اللتبية فلما جاء حاسبه قال هذا مالكم وهذا هدية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم } فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا ....
وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه، يمارس الدور الرقابي بنفسه على عماله، فعندما جاءه معاذ بن جبل من اليمن قال له أبو بكر: ارفع لنا حسابك". وذكر الطبري أنه كان يراقب ولاته مراقبة شديدة، فكان لا يخفى عليه شيء من عملهم".
وأما عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد طور آلية الرقابة الإدارية، إذ كان مهتما بهذا الأمر أشد الاهتمام، فقد قال يوما لجلسائه:" أرأيتم إذا استعملت عليكم خير من أعلم، ثم أمرته فعدل، أكنت قضيت ما علي؟ قالوا : نعم، قال: لا حتى أنظر في عمله، أعمل بما أمرته أم لا". فاستشعاره للمسؤولية جعله يراها من واجبات الإمام، وليست الرقابة لمرة أو مرات ثم تقف، بل هي رقابة دائمة، حتى لا يقل العمل، أو يحصل تجاوزات فيه.