حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,18 أكتوبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 22463

وخير جليس في الزمان كتاب

وخير جليس في الزمان كتاب

وخير جليس في الزمان كتاب

04-02-2014 04:18 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : نضال عبدالله الجديد

ابي رحمه الله, لم ينل من التعليم المدرسي الا المراحل الاولية فقط وذلك بسبب ظروف الحياة وقسوتها التي تعرض لها ومنها فقد الوالد. وبما أنه الأخ الأكبر أضطر وبسن مبكره ان يصبح ربا لأسرة كبيرة فرضت عليه الجهد والشقاء لأعالتها وأدارة شؤونها . فأنتقل من مقاعد الدرس قسرا ليمارس الزراعه في الأغوارلفترة من الزمن قبل أن يتمكن من تأمين وظيفه بسيطه في حينه لتسد رمقه هو وعائلته .


الا ان حبه للتعلم شجعه وكما كان يخبرنا على الاستمرار بتعليم نفسه . وذلك عن طريق الحصول على الكتب الادبية بأي وسيله ممكنه والاستمرار بمطالعتها , حيث كان كثيرا ما يردد علينا عبارته وبافتخار ان تلك الكتب كانت رفيقه في ايام الشقاء التي تعرض لها, بحكم وظيفته الاولية البسيطة والقاسية والتي تستلزم منه الطواف في الجبال والاغوار لتوزيع الأدوية على العربان هنا وهناك, حيث لازمت تلك الكتب سرج فرسه ينهل من معينها ويخفف بها من شقائه .


كان يطلق عليه العربان في ذلك الوقت لقب (الحكيم ) اثناء مخاطبتهم له في جلساتهم والتي كان يبادلهم أطراف الحديث بها, حيث كان يقرأ عليهم الكثيرمن اطايب الشعر والحديث مما كان يحوز على أعجابهم وتعلقهم به وبزياراته. بالأخص صديقه الاكبر والحاني عليه شيخ الاغوار ( سلطان باشا العدوان) ذاكرا عرضه عليه بأعطائه ارض ليبقى قريبا منه ليأنس برفقته وأدبه . اما مقابلته لاحد زعماء قطاع الطرق في ذالك الوقت والتي رمته الأيام بين يديه اثناء تجواله في تلك الاماكن النائية والشاسعة فالفضل يعود بالعفو عنه وتركه سالما الى ثقافته ولطف حديثه مع ذلك الزعيم , فما كان من هذا الرجل القاسي الجبار بعد مجالسته ان يخاطبه بود قلما ما يتفوه به قائلاً:-


(( يا حكيم سر اينما شئت وفي اي وقت ليلا او نهارا من شمال البلاد لجنوبها فانت في حمايتي )).
أبتدات حديثي عن هذا الوالد المثقف العظيم لأوضح فقط من اي معين شربنا وفي أي منبت نشأنا.
اذكره يخبرنا عن تلك الرسائل الادبية التي أنشائها وخاطب بها أميرات وامراء مصر . طلبا للمعونات باسم الحكومة الاردنيه في أربعينات وبداية خمسينات القرن الماضي وذلك للمساعده بأنشاء أول مستشفى للأمراض الصدرية.


اذكر حديثه عند تمكنه من تحصيل زيادة في الراتب لموظفي( الصحيَة) بعد فشلهم عبر الطرق والمناشدات الرسميه و بجملة واحدة أرسلها لأمير البلاد المحب للادب والشعر مناشدا اياه تحسين الراتب المعيشي بقوله: (ايها العزيز ,مسناً واهلنا الضرُ) ,مستشهدا بالأية الكريمة في سورة يوسف ,مما أوقع الأثر البالغ في قلب الامير من تلك البلاغه في التعبير والأيجاز وامر بتحسين (المعاش) لهم ولباقي موظفي الدوله.


لم يأت ذلك كلهُ من فراغ والشاهد على ذلك, تلك المكتبة ( خزانة الكتب) الممتلئة بما لذ وطاب من أمهات الكتب الادبية والدينية ,اذكر منها العقد الفريد ,عصر المامون باجزائه ,كتب طه حسين والعقاد وغيرها من أمهات الكتب... انتهاء بمجلدات مجلة العربي الغراء والتي لا شك كان لها اثرا بالغ ودورا هاما في ثقافتنا وتعليمنا اللاحق .


اما دور الوالدة رحمها الله فلا يقل ً في ثقافتنا وتعليمنا عن دور الوالد. كيف لا وهي تلك السيدة التي تعلمت للمراحل الاولية, في ثلاثينيات القرن الماضي , كما كان عدم أكمالها لمراحل التعليم هي ظروف الحياة نفسها , ( بالمناسبه كان يثير سرورنا انا واخوتي اصرارها وبعد مضي سنوات طويله على دراستها قولها أنها كانت الاولى على الصف ولم تستطع اي بنت ان تاخذ هذا المركز منها), كما كانت تحفظ اسماء معلماتها ومديرتها وحتى اذنة مدرستها حتى نهاية عمرها رحمها الله , كانت تتقن اللغة الانجليزية محادثة وكتابة وبطلاقة ولها الفضل بتعليمنا الحساب والعربي والانجليزي والمناهج الأخرى في الفترات الاولى من تعليمنا.


صدقاً ولا مجال للشك ان لأجواء الثقافة المكتسبه من مجالسة هؤلاء الاباء ومرافقتهم و تلك المكتبة الزاخره بأمهات الكتب والتي نشأنا بين يديها, لهماأثر واضح وبيَن بمستوى التعليم الذي حققناه . ولا شك ان تلك الشهادات التي حصلناها لاحقاً كانت في عيون أبوينا هي شهاداتهم حصلوها من فم الزمن ومن خلال فلذات اكبادهم .

Nidal_jadeed@yahoo.com


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 22463
برأيك.. هل تستهدف "إسرائيل" إيران دون التنسيق مع واشنطن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم