بقلم : د. نزار شموط
ترقى مراتب ودرجات العقوبات لتصل للحكم بالسجن ربما سنوات للذي يرتكب واقعة سب مسؤول كبير او زعيم او نظام او حزب , وحتى شخص عادي , اذا سبه احد يرفع على من سبه دعوه للقضاء , ويطالب بأنزال اشد العقوبة بحقه , كونه تتطاول عليه بالسب , وفي القانون نصوص تخول القاضي اصدار الحكم الذي يرتأيه بحسب واقعة السب او القدح .
اما ان تتقاذف السنة ابناء جلدتنا سب الذات الالهيه وديننا الحنيف , وعلى مسمع ومرأى الجميع , دون تحريك ساكن , فهذا والله امر جلل عظيم , نحاسب عليه , لاننا نمر على هذا السلوك اللفظي المشين المنكر , دون اي محاولة لقمعه او منعه , واصبحنا نستمريء سماعه , وكأنه استجابه انفعاليه عاديه , ربما تثير حفيظة البعض ويستنكرها , ولكنه لايملك القدره على ردع او محاسبة مرتكبها , لان القانون الاردني للاسف لم يتضمن نصاً صريحاً بيناً , يخول الجهات التنفيذيه معاقبة من يقوم بسب الذات الالهية او سب الدين , كل ما ورد في القانون بنداً يدعوا لمراعاة المشاعر الدينيه .
وهنا نسأل ارباب القانون والقائمون على وضع التشريعات والعقوبات , هل سب الدين والذات الالهيه يرقى لخدش المشاعر الدينيه ام لا ؟ وهل يستحق مرتكبه العقوبه ؟
ولماذا لا يوجود في قانون العقوبات بند صريح واضح , يحدد عقوبه تتناسب مع هذا الجرم الكبير , لا تقل عن السجن والغرامه الماليه , لانه ليس خدش للمشاعر الدينيه فحسب , وانما تتطاول على الحس الوطني والديني , بل تتطاول على النظام السياسي والسيادي للدوله , التي دينها الاسلام .
الا يعتبر هذا العاصي بعيداً كل البعد عن الدين عقيدةً ومسلكاً , الا يعتبر سلوكه مؤشراً انه منحرف , بذيء , لا اخلاقي , ضرب عرض الحائط بهذا السلوك اللفظي المشين كل القيم والاعراف والتقاليد , دون خوف ولا حياء من الله ومن الناس .
لقد اجمع علماء المسلمين على ان ساب الله كافر , فقد قال ابن قدامه ( من سب الله تعالى فقد كفر )
اما القاضي عياض فقد قال ( لا خلاف ان ساب الله تعالى من المسلمين كافر حلال الدم )
اما ابن باز فقد افتى بأن سب الرب عز وجل والدين من اعظم الكبائر والمنكرات , ويعتبران من نواقض الاسلام , ويكون من تعرض بالسب مرتداً عن الاسلام كافراً يستتاب .
وعلماء النفس يصنفون من تصدر منهم استجابات لفظيه مشينه تتعارض مع الخلق والعرف الاجتماعي والقيم , انهم شواذ عدوانيون وتتميز شخصياتهم بعدم الاستقرار الوجداني والانفعالي , وهم مهيؤون لارتكاب سلوكات جرميه , من سرقه او قتل وغيرها من السلوكات اللااخلاقيه , لان الاستجابه اللفظية , تعتبر مؤشر للمخزون المعرفي والقيمي والاخلاقي للفرد .
فلو تقصيت السجل الشخصي لمن يسب الذات الالهيه , لوجدت في الغالب انه لم يخضع لتربيه اسريه صحيحه , اي ان اسرته مفككه , وان هذا السلوك اللفظي المشين متداول في اسرته , فوالده في الغالب هو من زرع بأولاده هذا الشىء , فهذا سلوك استجابي متعلم , ايضاً ستجد انه عدواني وربما له سجل جنائي حافل وستجد الكثير من السلوكات السلبيه المعيبه في شخصيته .
فلماذا نقبل سماع هذا التعبير المشين في مجتمعنا من مثل هؤلاء , ولماذا يسكت صاحب الشأن والقرار اين كان , بالسماح لاي كان بالتطاول على رب الاكوان , فهل يجرأ احد على سب الحاكم او المسؤول جهاراً نهاراً , لا والف لا .
وهل يسكت احدنا لو سابه احد او شتمه , لن نسكت ولن نقبل , وتأخذنا العزة والحميه , فكيف بنا نقبل ان يسب الخالق الرازق المغني المعطي المصور العظيم الجبار .
البعض يقول لك دعه لخالقه , هو افصل به , فلماذا لم تقل عندما سبك دعه لخالقه , وعندما سب المسؤول دعه لخالقه ؟؟
في رأيي كلنا شركاء في هذا الجرم , الذي اصبح يطرق مسامعنا في الاماكن العامه , وبشكل متكرر , دون ان نحرك ساكناً .
الكل يحمل جزء من المسؤوليه , الاسره , والمدرسه , والمسجد , والقانون , ورجال الامن , ووسائل الاعلام , وكل فرد غيور على دينه مسؤول مسؤولية كامله عن هذا الامر العظيم .
فكيف نصلي لله ونقبل ان تسب ذاته الالهيه , سؤال ارجوا ان تجيبوا عليه .
واين نحن من حديث رسول الله ( صلوات ربي عليه ) من رأى منكم منكراً فليغيره بيده , ومن لم يستطع بلسانه , ومن لم يستطع فبقلبه , فذلك اضعف الايمان .
والمطلوب ان لا نستكفي بالانكار بالقلب , فالامر قد تفاقم واستشرى , فهل ننتظر حتى يصبح ظاهره .
لذا ادعوا ان يصار لوضع عقوبه صارمه للحد من هذا السلوك الجرمي الذي لا يقل عن جرائم السرقه والاعتداء على الاخرين والاساءه للقانون , والتطاول على امن وهيبة البلد , بل والله انه اعظم من ذلك .
لقد اصبحت منظومتنا الخلقيه والقيميه والدينيه بحاجه لمراجعه ,وهذه مسؤولية الجميع , كل من موقعه.
يقول الله تعالى في صورة الاحزاب ( ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة واعد لهم عذاباً مهيناً ) صدق الله العظيم .