11-02-2014 10:24 AM
بقلم : محمد اكرم خصاونه
تطفو على السطح في بعض الدول مشاكل متنوعة ، قضايا ، فساد ، فضائح ، وغيرها من الأمور التي قد تؤثر في الرأي المحلى وقد تصل للرأي العالمي إذا كان للدولة قيمة وقوة وقدرة ونفوذ إقتصادي وثروات وإمكانيات ، وللتخلص من معضلة محلية داخلية خاصة بالدولة ، يقوم كبار الساسة والمستشارين بإستمطار افكارهم وحك فروات رؤوسهم لدرء هذه الفضيحة بما يشعل الرأي بمعضلة أخرى لإبعاد العيون عما جرى ، ويذكرني هذا الموقف بالفيلم الأمريكي wag the dog بحواره الذي ينطلق من السؤال التالي: “لماذا يهز الكلب ذيله؟”.
إن الكلب هو الذي عادة يهز ذيله حين يشعربالإمتنان لمن يطعمه ويسقيه ويرعاه أو يشاغله ،فيبدأ بتحريك ذيله كنتيجة للاغتباط والرضى عن هذا الشخص ، أما أن يكون الذيل هو الوسيلة لهز الكلب فهذه جديدة وغريبة، وهي عملية صعبة على أي حال، .خاصة أذا علمنا باحتمال نتائج عكسية للإمساك بذيل الكلب مما قد يسبب أذى أوعدم ارتياح أو فشل في الغاية.
فيأتي الجواب من هذ الفيلم لأن الكلب أذكى من الذيل. لو كان الذيل أذكى لكان هو الذي هز الكلب. ولن نفهم مغزى هذه العبارة إلا عند نهاية الفيلم، حين ندرك أن كنه الصنعة الإعلامية للحدث السياسي الداخلي في بلد مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والذي تترتب عليه غالباً أبعاد خارجية، قائم على توظيف، وحتى افتعال، الحدث وتلفيقه، ومن ثم تسويقه كمبرر أو ذريعة لسلوك معين يحتاجه صناع القرار في وقت من الأوقات.
ففكرة الفيلم تدور حول نشر وسائل الإعلام معلومات عن فضائح جنسية لأحد الرؤساء الأمريكين ، ويتأهب لخوض غمار دورة ثانية من الأنتخابات الأمريكية ، وتجديد الرئاسة إليه.
ولكن خصوم الرئيس من الحزب المنافس يستنفرون كل قواهم لتوظيف الفضيحة أداة للحيلولة دون إعادة انتخابه ثانية، مما يجعل فريق الرئيس صاحب الفضيحة الجنسية ، وكبار مستشاريه يتدبرون فكرة فعّالة بتكليف منتج سينمائي هوليودي شهير بإنتاج فيلم ضخم قائم على فكرة ملفقة عن تهديدات إرهابية ضد الولايات المتحدة مصدرها بلد خارجي جرت تسميته في الفيلم على سبيل المجاز، ولكن مع ملاحظة أن هذا البلد، رغم أنه يقع في أوروبا، غالبية سكانه من المسلمين، الأمر الذي قد يدفع الرئيس للتحضير لعمليات عسكرية ضد هذا البلد .
وهكذا ينشغل الرأي العام المحلي بحكاية الحرب الوشيكة، وتنصرف الأنظار عن فضائح الرئيس الجنسية. ورغم أن خطة فريق الرئيس المفبركة تصطدم بعقبات عديدة عبر مفارقات غير متوقعة، إلا أن منتج الفيلم يقوم بتغيير مسار فيلمه كل مرة بما يتسق والتغييرات المفاجئة مقدماً شهادة إدانة بالغة التعبير عن الآلية التي يصاغ بها القرار السياسي هناك، وملقياً الضوء الكاشف على ما تقوم به وسائل الإعلام والاتصال الحديثة من فبركة للواقع وتزييفه، حين تصبح الصورة التلفزيونية هي الواقع من خلال تأثيرها لمذهل، الكلي بجبروتها وقدرتها ، على أذهان وبصائر المشاهدين الذين يبدون أشبه بالإمّعات، فيساقون إلى مصائر لا يدركونها من قبل حلقة ضيقة من الرجال تمسك بالمال والسياسة وتحميهما بالإعلام. وهذه الحلقة الضيقة هي على قدر من السلطة والنفوذ الذي يستشري في مختلف مرافق الحياة، بحيث إن الفيلم صورها بأنها هي الكلب الذي يهز الذيل، أما الذيل الذي يهتز من دون أن يعرف من يهزه، فليس سوى المعادلة الرمزية للمجتمع برمته.
ينتهي الفيلم بنهاية فاجعة للفرد، الذي ظن أنه لسعة خياله ،وثقته المفرطة في نفسه أصبح في وضع من هو قادر على أن يهز الذيل، حتى قتل غيلة، توكيداً على أن هناك من يهزه هو الآخر، أي أنه لم يكن سوى ذيل للكلب، يهزه متى شاء على نحو ما يذهب إليه اسم الفيلم.
وهل ما يجري في عالمنا العربي وفي بلدنا ممن يقومون بمثل ما قام به الرئيس الأمريكي للتغطية والتستر على الفضائح والفساد لتبرير ما جرى وما حدث على فسادهم وزيفهم وكذبهم، يشبه وينطبق على ما فعله الرئيس بيل كلنتون للتغطية على فضيحته كما جاء في الفيلم؟؟؟
الكلب السعيد يهز ذيله والكلب المنافق يمد لسانه .