17-02-2014 10:09 AM
بقلم : أحمد محمود سعيد
الغربة مدرسة يتعلّم فيها المغترب الكثير في عمله وحياته وتعامله وتعاملاته وتتعلّم فيها اسرته الجديد من الثقافات المختلفة وبعض الدول الجاذبة للعمالة الوافدة تستقطب عمالة من مختلف دول العالم واكثر الدول استقطابا هي دولة الامارات العربية المتحدة التي يقيم فيها اناسا من جميع دول العالم في الكرة الارضية تقريبا وهؤلاء المقيمون ما بين مجنّس او عامل او زائر او سائح وكل مجموعة لها ثقافتها وعاداتها وكأن دولة الامارات وخاصّة دبي سلّة ثقافات الكون وعاداته فمن اسيا تجد الفلبين والهند والباكستان وايران والباتان والبنغال والصين وسيريلاتكا ونيبال وكوريا وتايلند وغيرها من الدول الآسيويّة ودول القارات الافربقية والاوروبيّة والاسترالية والامريكتين ويصل مجموع الجنسيات المتواجدة في دبي حوالي مائة وثمانون جنسيّة من حوالي المائتين واتنى عشر المتواجدة على الكرة الارضيّة ويشكّل العرب غير الاماراتيّن اقليّة بالنسبة لعدد الوافدين ولا يشكّل الاردنيون والفلسطينيون العدد الاكبر من هؤلاء العرب وانا اسوق دولة الامارات العربية المتّحدة كمثال لانها دولة مؤسسات وقانون وبها من التنوّع في الثقافات غير موجود في اي بقعة من العالم وبالرغم من إختلاف لغات هؤلاء البشر فان اللغة العربية الرسمية واللغة الانكليزية واسعة الانتشار تشكلان ركنا هامّا في التفاهم وتطبيق القوانين والتعليمات للمساهمة في نمو البلاد .
وبالرغم ان كل دولة لها قوانينها وتعليماتها لمواطنيها والوافدين في فيها ويلتزم جميع المقيمين بها ولكن حيث ان الوافدين اتوا من بلدان مختلفة ولهم العديد من المشارب والعادات والثقافات فان بعض الاخلاقيات زرعت في جينات وضمائر ونفوس بعض الوافدين وتلك العادات تؤثّر على تعامل اؤلئك الوافدين مع مواطنيهم او غيرهم من الوافدين خاصّة فيما يتعلّق بالامور الماديّة والوظيفيّة .
وقد رأيت مدى تآخي بعض الوافدين ومساعدتهم لمواطنيهم في مساعدتهم بإيجاد عمل ووظائف لمن يحتاج وفي حال وقوع احدهم في مشكلة او ضيق او مرض يلتف حوله ابناء بلده ويكونون عونا له ويقدمون له كل مساعدة يستطيعون تقديمها وقد رأيت ذلك بين وافدين من شعوب مختلفة كالهنود والفلبين والصينيّين والايرانيّين وغيرهم وحتّى من الوافدين من مصر وسوريا يقفون مع ابناء جلدتهم ولكنّني لم الاحظ ان هذا سائدا بين الوافدين من الاردن وفلسطين وقد يعود هذا لما حملوه في صدورهم وعقولهم من اوطانهم من سلبيات مجتمعيّة إلاّ من رحم ربّي ويرى ان مدّ يد العون لاخيه الانسان صدقة يثاب عليها .
وقد رأيت ظلم الوافد الفلسطيني او الاردني صاحب المال او الشركة او الوظيفة العليا خاصّة في القطاع الخاص لابناء جلدته ممّن بحاجة لعمل او حقوق ماليّة او عمّالية ويعاملهم بفوقيّة وظلم مع ان الظرف الذي مكّنه لم يكن قد مضى عليه طويلا اي انه حديث نعمة وقد يصل الامر ان يرفع الطرفان قضايا ضد بعضهما او التشهير ببعضهما في بلاد الإغتراب وحتّى في الوطن الذي قدموا منه .
وهناك فرص نجاح تتحقّق في بلاد الغربة لهؤلاء العاملين بالحلال او بغير ذلك سواء بتحقيق مكاسب في المال او الوظائف او غير ذلك حيث يصيب بعضهم الغرور خاصة اؤلئك اللذين لعب الحظ او الظرف او حلاوة اللسان او جهل المقابل دورا في تحقيق تلك المكاسب بحيث يتكبّر على وليّ نعمته ويظلم من هم بحاجة ممّن هم نحت مسؤوليّته فكأنّه لا يحمد الله على نعمائه ولا يشكر الغير ولا يرحم الآخرين ومنهم بني جلدته وهذا لا يبارك الله في مكاسبه ولو بعد حين .
وهؤلاء المغتربون غير الحامدين بل والمغرورين والذين خدعتهم مغريات الدنيا ومنهم من يحوّل الفلوس التي كسبها ليستثمر بها شخصيا خارج بلاد الاغتراب دون ان يعطي الناس حقوقها او بدل تعبها متجاهلا ان الله يمهل ولا يهمل .
وهناك من تتعثّر ظروف حياته وعمله بالرغم من استقامة حياته واحتراف عمله وقد تصل به الامور للمحاكم والتوقيف حيث لا يجد من ابناء جلدته الموسرين الذين يعرفون تاريخه النظيف من يقف الى جانبه ومد يد العون له ولو على اساس عون مسترد بل لا يجد من هؤلاء غير اللوم والعتاب وتلطيش الكلام عليه .
وهذه الطباع والسلوكيات السلبية هي ثمرة ما جنوه من البيئة التي عاشوا بها والتي كانت وما زالت تطفح بالحسد والحقد والغرور والسوداويّة والانانيّة والفساد .
وكذلك هناك من يستحق العقاب وتحمّل ما جنت يداه من غش وسوء تصرّف لبلد الاغتراب الذي مد له العون ومنحه الفرصة لتحسين وضعه المعيشي ولم يصن هذه النعمة كما يجب , علما بوجود الكثير من السلبيات في الوافدين من الدول الاخرى .
في المقابل هناك من يتعاملون بشرف وصدق ويحرصون على إداء الحقوق لاهلها ويقفون مع المغتربين في غربتهم حيث استطاعوا ويضعون مخافة الله بين اعينهم .
وكم اتمنّى ان يعطي الاردنيون والفلسطينيون الانطباع الايجابي في تكافلهم وتعاضدهم لمساعدة بعضهم البعض في ظل القوانين والتعليمات في بلد الاغتراب حافظين لذاك البلد كل شكر واحترام كما يفعل الكثير من الوافدين من ابناء الجنسيّات الاخرى .