17-02-2014 10:50 AM
بقلم : عبدالرحمن الحجيلة
في البداية لابد ان اذكر ان وحي هذه المقالة ولد من خلال البرنامج العربي (عرب اونلاين).الذي تقدمه الاعلامية العربية (علا شوشة) على قناة البغدادية والذي تناولت حلقته السابقه واقع التعليم في العراق,وتم استضافة مسؤول عراقي في وزارة التربية وعضو في البرلمان ,والملفت في النظر في هذه الحلقة هو كلام المسؤول الذي رفض فيه الاعتراف بالارقام والوثائق التي قدمتها الاعلامية والتي تدل على تدهور الوضع التعليمي في العراق بل اصر ان التعليم في العراق في اوج عطاءه وكيف انفعل غاضبا من الانتقادات وخرج عن البروتوكلات المعهودة في الحوار وحاول الاساءة لمقدمة البرنامج ,وتكلم بلسان سياسي ولم يتكلم بلسان تعليمي ,وتلفظ بعبارات مسيئه عندما قال ان الوزير والمعلم لا يتساويان ...فهما كالاعمى والضرير.
ومن هنا انطلق في مقالتي عن المسؤول العربي في القرن الحادي والعشرين ,فالمسؤول العربي يدرك مفهوم (حقيقة التكذيب) أي انه عندما يتكلم او يصرح اويشرح اويبرر فأنه يدرك انه يكذب ولكن بشكل دبلوماسي واحيانا بشكل واضح وصريح ,بلا خجل او تردد ,ولا اعلم هل هو يعتمد على ان من يسمع له هم مجموعة من الاغبياء او انهم لايفقهون شيئا في هذا العالم ,واضعا وراء ظهره تطور العلم ,ووسائل الاتصال الحديثة,والقدرة على استحضار الخبر من اكثر من موقع ,وهنا فأن هذا المسؤول كاذب بنص العبارة والاصل ان لايكون المسؤول كاذبا او مرواغا وخاصة عندما يتعلق الموضوع بشأن يخص الشعب واساسيات حياته .
ولكن ربما يدرك المسؤول العربي انه يكذب ولكنه يصدق ما يقوله وكأنه حقيقة .وهنا نحن ننتقل الى وضع اصعب من كلمة (كاذب) وهو (مريض نفسي) ,والسؤال كيف يولى منصبا من كان مريضا نفسيا وفي ابسط الاحوال وعند العامة من الناس فأن المريض نفسيا لايقوم بأي عمل ولا حتى يترك لوحده .
وعلى الجهة الاخرى ايضا يدرك المسؤول العربي مفهوم (تكذيب الحقيقة) ,بل ويتفنن به الى درجة كبيرة ,وربما يصل الى درجة الوقاحه او الاستهتار بمن امامه ,فربما نضع امام عينيه ادلة وارقام ووثائق عن وضع معين ولكنه وبلا دليل او علم مسبق ينكر هذه الحقائق ويعتبرها ملفقة او مسيئه اوحتى يدرجها ربما ضمن نظرية المؤامرة والاساءه ,وحتى في الامور المصيرية للشعوب يكذب المسؤول الحقيقة وعند العرب الكثير من هذه الامثلة على مر التاريخ من حالتنا في 67 عندما تباهى مسؤولينا بالنصر القريب وفي الوقت نفسه كانوا يدركون انهم باتجاه الخسارة ,حتى نصل الى الصحاف اثناء الحرب على العراق وهو يتحدث عن صمود الجيش العراقي وخسائر الامريكان وفجاءة تظهر الدبابات الامريكية من خلفه ,هذا في الامور المصيرية للامة ولكن في الامور اليومية المحلية للمواطن فحدث ولا حرج ,فحتى الناطقون الرسميون للحكومات العربية يمتازون بميزة مشتركة وهي (الاءات) اي كلمة (لا) ,و(لم) و(غير) ..الخ, أي ادوات النفي ,فهو دائما ينفي حتى ان الشعوب تستمع لكلمته من باب الضحك او الاستمتاع بل واصبحت لاتثق في كلامه مطلقا حتى لوكان صحيحا .
من هنا فأننا سنبقى نتراجع وغيرنا يتقدم ,اذا بقيت ذهنية مسؤولينا بهذا الشكل ,نريد مسؤولا يقول عن الحقيقة حقيقة وعن الكذب كذب ,نريد مسؤولا يقرأ لنا واقعنا كما هو دون تجميل او زيادة او نقصان ,فاذا وصلنا الى هذا المسؤول فأننا سنعرف لحظتها اننا بدأنا نسير على الطريق الصحيح نحو الاصلاح والتطوير والتغيير ,وحل المشكلات ,والنزاهة والشفافية,ومحاسبة الذات ,ووضع الخطط الصحيحة ,ويجب ان نقضي على ارث مسؤولينا واسلوبهم الذي يتذبذب بين (حقيقة التكذيب),,,و (تكذيب الحقيقة)
عبدالرحمن الحجيلة 17/2/2014