17-02-2014 07:44 PM
سرايا - سرايا - كلنا نرغب بحياة كريمة نعيشها في وطننا وبيوتنا ، ولكن هناك أناس لا حياة في أماكنهم التي أسموها وطناً نتيجة الجدل السياسي وما يسمى الربيع العربي ، استحال العيش، جمعوا ما تبقى لديهم من أشياء ثمينة، غادروا تحت جناح الليل إلى مصر، أو تركيا، أو لبنان، أو الأردن أو الإمارات ليصلوا فلسطين، وغيرها من الدول المجاورة حيث ينتظرهم الجوع، والبرد والمرض والحلم بالعودة .
الكلمات لا تصف الحزن، ولا تصف الوجع الإنساني، ولا تصف الألم الذي ينتابنا لحظة مشاهدة صورة أطفال تقتل وبيوت تدمر ، كم نتمنى أن لا نكون في هذا العالم اللا أنساني الذي يترك أطفالا يهربون من الموت والذبح في وطنهم ، وجماعات تدعى الإسلام وتذبح الرجال كذبح الخراف .
هذا المعاناة تنطبق تماما على وضع الحاج السوري حسن نجيب الجندي "69 عاما " الذي جاء من سوريا إلى قطاع غزة نزولا عن رغبة وإلحاح ابنته المغتربة في قطاع غزة، وبالرغم من شيخوخته وأمراضه التي لحقت به بسبب كبر سنه، إلا أنه ما لبث إلا أن يحقق حلم ابنته، لعله يكون أخر مطلب يحققه لها في أخر أيامه.
فقد تزيد سوريا وإحداثها الدموية معاناته في ظل استمرارها، ليصل إلى غزة هربا من انحدار الأوضاع نحو الأسوأ هناك، ليلقي ابنته ويستقر في بيتها مدة عام ويلفظ أنفاسه الأخيرة ، ولنتعرف أكثر على قصته تروى تفاصيلها ابنته صبا الجندي " 41 عاما لتقول " فرّ والدي من سوري إلى الإمارات التي تعطي تأشيرة دخول للسوريين الهاربين من الأحداث لمدة شهرين فقط، وبعد انقضاء الشهرين، قرر العودة إلى سوري والبقاء في وطنه حتّى وإن كلفه ذلك حياته ، وقرر بعدها من جديد الرحيل بعد مشاهدة المعارك" وكان والدها رفض الخروج من بيته منذ بداية الحرب على النظام في سوريا بين النظام السوري والمعارضة ، إلا أن احتدام المعارك العسكرية قرب بيته جعله يقرر الخروج من المنطقة ، مثل إخوانه الذين سبقوه منذ فترة بالنزوح للمناطق المجاورة .
وأضافت "عاش والدي طيلة حياته في الإمارات وعمل فيها ، وقبل حوالي عشرون عاما انتقل للعيش في سوريا بجانب أهله وإخوانه وعشيرته ، وكان يعانى من انسداد في شريان رئيسي في القدم بالإضافة للإصابة بالضغط والسكري واجري عملية قلب مفتوح وبعد إجراء العملية أصيب بالتهابات داخل جسمه أدت لوفاته " وقالت " رفض والدي دائما الخروج من سورية خوفاً من الموت في الغربة بعيدا عن أهله وأقاربه ، وسرقت ألان الغربة روحه، وها هو يموت بعيداً عن عشيرته، ويدفن في وطن غير وطنه، ولم يحقق أمنياته ، حيث كان يشعر بالقلق دائما من الموت في غزة" وتقيم صبا منذ 16 عاما في قطاع غزة بعدما تزوجت في الإمارات وانتقلت للعيش في قطاع غزة برفقته ، واستقبلت والدها في بيتها بعد دخوله قطاع غزة وأقام في بيتها منذ دخوله وسط مدينة غزة .
وكان يقيم والدها في معرة النعمان في ادلب وكانت الإمارات أول طريق له بعد هجرته من سوريا ثم توجه للبنان ومن ثم دخل غزة بتاريخ 24/3/2013.
وقالت ابنته " كانت رغبته وأمنياته العودة لسوريا والبقاء فيها بجانب إخوانه ، وكان بطبعه كتوم لا يحب الحديث عن الجوانب السياسية ، ولكن ما دعاه للهجرة من سوريا كان استهداف منزل لأحد جيرانه أمام أعينهم ووفاة من فيه ، مما جعله يقرر الرحيل والاستجابة لدعوتي " وشاهد بعينه مقتل أطفال احد أقاربه على يد مسلحين ومن ثم أصيبت والدتهم بصدمة بعد مشاهدتها لأطفالها يموتون أمام عينها ، ثم ماتت.
جميع كلماتها تخرج بحزن على والدها الذي لم يحقق أمنياته وأقاربها الذين ما زالوا داخل سوريا ، ولكن تتمنى أيضا ابنته صبا باستقرار الوضع السياسي في سوريا وسلامة عائلتها هناك ، والعودة لسوريا وزيارة أهلها وأقاربها . ونزح إلى قطاع غزة الكثير من السوريين الذين تركوا ديارهم هربا من القصف والدمار ، ويبحث اللاجئين الجدد لغزة عن أقاربهم هنا ليستقبلوهم مؤقتا لحين وضع حلول لهم نظرا لكثرة عددهم .
ووصل عدد القتلى في سوريا لعشرات الآلاف ، وآلاف المصابين بالإضافة لنزوج ملايين السوريين للدول المجاورة وإقامة بعضهم على الحدود السورية مع الأردن وتركيا ، تحت رحمة المؤسسات الدولية الاغاثية .