سرايا - سرايا - كثيراً ما تحدثت قصص الخيال العلمي عن منازل المستقبل التي يمكن التحكم فيها عن بعد، وتتفاعل فيها الأجهزة المنزلية مع رغبات السكان والتغييرات التي تطرأ على الجو أو المنزل آليا ,كأن تطفئ الأنوار ، أو يعمل التكييف والتلفزيون مع دخول أحد الأفراد إلى الغرفة، أو تتابع الأسرة تغيرات أجهزتها وهي خارج المنزل ، وغير ذلك.

هذا الحلم أصبح حقيقة في غزة بعد أن قدم ثلاثة شباب من قسم هندسة الحاسوب والكهربائي بالجامعة الإسلامية بغزة مشروعاُ للتخرج بعد سنة من البحث والتجارب العملية ,حوّل هذا الحلم إلى واقع بنظام متطور وسعر بسيط جدا ,وذلك بتطوير نظام متكامل مع تطبيق للهواتف الذكية وموقع إلكتروني ,ويأملون أن يكون نقلة نوعية في أنظمة التحكم الآلي بالأجهزة الكهربائية بقطاع غزة .

بداية الفكرة

جمعت الصداقة الشاب أحمد أبو عامر ومحمد قاسم من قسم هندسة الحاسوب مع الشاب محمود طافش من قسم الهندسة الكهربائية ,كما جمعت بينهم التحدي والإصرار في يوم تخرجهم ليطوروا مشروعاُ يجمع ما بين جهاز ونظام ويمكن استخدامه في العديد من التطبيقات والمشاريع المتعلقة بالأنظمة الإلكترونية على اختلاف أنواعها ، وذلك بإشراف البروفيسور حاتم حماد- عضو هيئة التدريس بكلية الهندسة. .

وعن بداية فكرة المشروع قال أحمد أبو عامر: " خلال السنوات الماضية بدأ في الانتشار بعض أنظمة التحكم الآلي ، للتحكم في أنظمة الأمان أو إدارة الشبكات الكهربائية في المؤسسات الخاصة والعامة ،بتقنيات غير متطورة وقليلة الفعالية وذات سعر خيالي جدا ".

ويبين أن هذه الأنظمة ذات أحجام كبيرة ، وتحتاج لتخصيص مساحات معينة من المباني ,و يلزمها تكاليف تشغيلية شهرية وفقا للتقنيات المستخدمة سواء الرسائل القصيرة أو الإنترنت, بالإضافة إلى وجود الكثير من المشاكل التقنية والبرمجية في الأجهزة المتواجدة بالأسواق .

وفي نفس الوقت هناك توجه كبير لإنتاج وتطوير مثل هذه الأنظمة عالمياً ,مما دفع الشباب إلى تطوير جهاز واحد معزز بنظام تحكم ليقول أبو عامر " أنتجنا جهاز ذو نظام مطور و حجم صغير ويربط كل أجهزة المستخدم بجهاز واحد فقط ,واستهلاكه للطاقة قليل مشابها لاستهلاك طاقة بطارية الجوال يحتوي على برنامج للأمن ,ولا يلغي التحكم اليدوي في حال رغب المستخدم بذلك" .

يقاطعه قاسم ليقول " كما أن النظام يستخدم برمجيات مفتوحة المصدر لا تعرض للمساءلة القانونية ، فالنظام المستخدم هو نظام جديد وفق المعايير العالمية المتطورة ، بخلاف الأنظمة الموجودة حاليا والتي أصبحت قديمة , كذلك استخدمنا أحدث وأفضل التقنيات فائقة الدقة والسرعة بما تسمح بالتحكم لمسافات بعيدة ".

تكلفة بسيطة

تكلفة الجهاز الواحد المتواجد في الأسواق والذي يتحكم بعدد معين من الأجهزة يتراوح ما بين 700 إلى 1500 دولار، بينما النظام الخاص بالمشروع تكلفته هو 200 دولار فقط ما بين الجهاز وتركيبه بالإضافة إلى تطبيق الهاتف الذكي والموقع الإلكتروني ، حيث لا يحتاج المستخدم لأي تكاليف تشغيلية لمسافات بعيدة قد تصل لعدة كيلومترات .

ويضيف قاسم " كما يمكن أن يستخدم النظام أكثر من شخص في المنزل أو المكان المستخدم فيه لتحكم فيه ، وكذلك التحديث بشكل تزامني والآلي ما بين الموقع الإلكتروني على جهاز الحاسوب أو تطبيق الهواتف الذكية ,فالبرنامج يحتوي على تصنيفات معينة وفق المكان والأجهزة الموجودة عند المستخدم ,ويستطيع المستخدم تحديد مؤقت والكثير من المميزات الأخرى ".

ووفق الشباب فان استخدام أنظمة التحكم الآلي في المنازل أو المؤسسات يحقق أهدافاً عدة من بينها الأمن والراحة والتكامل بين الأجهزة المختلفة بما يوفر في ترشيد استهلاك الكهرباء خصوصاُ في ظل أزمة انقطاع التيار الكهربائي الحالية في قطاع غزة ، كما يفيد اعتماد مفهوم التشغيل الآلي للمباني في إدارة المنشآت التجارية والطبية، وتوفير الجهد والوقت والطاقة

إعجاب عميد كلية الهندسة

من ناحيته أبدى الأستاذ الدكتور فهد رباح عميد كلية الهندسة بالجامعة الإسلامية إعجابه الشديد لما توصل إليه الطلاب، واصفا المشروع بالمميز والواعد ، مبينا بأن سيكون له العديد من التطبيقات داخل المجتمع .

وأشار إلى تكلفة النظام مقبولة والبسيطة مقارنة بالأنظمة الدولية المستوردة ,وأضاف " إن هذا الإنجاز يعكس مدى تميز طلبة كلية الهندسة بالجامعة الإسلامية ، مجددا دعم الكلية لمثل هذه المشاريع من توفير المختبرات العلمية والأبحاث المتعلقة بذلك ", متوجها بالشكر والتقدير للطلاب القائمين على هذا المشروع الرائع ومتمنيا لهم دوام التألق والإبداع .

ويأمل الشباب أن يفتح هذا النظام المتطور ، الباب أمامهم لافتتاح شركة يستطيعوا من خلالها تسويقه محليا ودوليا, كما يسعى الشباب لأن يطورا من قدرات الجهاز وإضافة العديد من المميزات الجديدة.