19-02-2014 10:24 AM
بقلم : المهندس وصفي عبيدات
يبدو ان فهم أمانة عمان للنظافة توقف عند عامل وطن يحمل مكنسته ويلملم بعض ما تناثر من الأوراق واعقاب السقائر وعلب المشروبات التي يلقي بها البعض من نوافذ سياراتهم ،اضافة الى جر العربات القديمة المهترئة على أطراف الطرقات التي يركنوها في اغلب الأحيان في زاوية من زوايا المائة متر التي تخصصها لكل واحد منهم الأمانة للعناية بها وتنظيفها ، ويُشغل باقي وقته برمق السيارات بنظرات استعطافية ، خاصة اذا كان السائق من ذوات القلوب الرقيقة من النساء .
ليس هذا بيت القصيد وليس هذا هو المهم ، فالمهم هي تلك الاعتداءات غير المشروعة التي تقع على شوارع عاصمتنا من قبل الأمانة نفسها ومن قبل المواطنين الذين تمردوا على مدينتهم فدمروا زينتها ورموا طرحتها تحت أقدامهم ، وسأتحدث هنا عن ظاهرتين أصبحتا مرضا يفتك بجمال وصحة عمان هما :
١- الحاويات المكشوفة المترامية على أطراف شوارعها الرئيسية والفرعية والتي تشكل منظرا غير حضاري تشمئز منه عين المقيم وعين الزائر على السواء ، فكم هو مؤذي ان تقع أعيننا على هذه الحاويات وتشتم أنوفا الروائح الكريهة المنبعثة عنها ، بينما في عواصم العالم تقع الأعين على احواض من الورود والزهور والأشجار الخضراء التي تنعش الروح بروائحها الجميلة وتبعث في النفس الراحة والهدوء ، فكان ألاجدر بأمانة عاصمتنا ان تخصص أماكن خاصة لهذ الحاويات في المباني الواقعة التجارية القريبة من هذه الشوارع وبحيث يكون ذلك شرطا من شروط منح رخصة البناء ، وتكون المحافظة عليها ومراقبتها من قبل حراس هذه المباني التي لا تكاد تخلو اي منها من حارس او عامل يتواجد فيها على مدار الساعة ، وبحيث يتم التشديد على ان تكون هذا الحاويات محكمة الإغلاق مع فرض غرامات على كل من يلقي القمامة خارجها او يلحق الضرر فيها.
٢- الاعتداءات والانتهاكات المستمرة التي تقع على شوارعنا من قبل المواطنين الذين يقومون بالبناء ، فمعظمهم ان لم يكن كلهم يقومون بإغلاق الشوارع بالمواد الإنشائية ومخلفات عملهم والياتهم الثقيلة التي تشكل خطرا كبيرا على المارة والجيران ، ضاربين بذلك حقوق الاخرين عرض الحائط ، وقد يتجاوزوا ذلك ببناء غرف من الطوب سكنا لعمالهم وكأنّ الشارع إرث ورثوه عن آبائهم غير آبهين للوطن والمواطن ولا يعنيهم الأذى الذي يلحقونه بالآخرين جاعلين من عمان مدينة الفوضى واللانظام ، والمؤسف ان يجري ذلك كله تحت أنظار موظفي أمانة عمان ومهندسيها دون ان يحرك ذلك فيهم ساكناً وكأن الامر لا يعنيهم ، وقد يقوم احدهم متثاقلا بتحرير مخالفة لا تتجاوز قيمتها بضع دنانير بحق المخالفين فتنتقل ملكية الشوارع بهذه المخالفات الى اصحاب المباني المخالفة فلا يتردد ان يغلقها تماماً ان تطلبت مصلحته ذلك . هذا الشئ لا نراه في مدن العالم الاخرى ، فللشارع حرمة كحرمة العرض لا يجوز التعدي عليها من قبل اي احد لانها للجميع وحرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الاخرين ، اضافة الى ان سلامة الشوارع وسلامة المارة هي على راس أولويات تلك الدول ، فلا يغلق الشارع ولا يتعرض المواطن للخطر وان وقع شئ من هذا القبيل فان اول من يتحمل المسؤولية هي البلدية التي تكون قد قصرت بفرض التعليمات والقوانين على صاحب العمل والمقاول ، لذلك فإنك قد تسير في شوارع يُشيّد عليها ابراج دون ان تشعر بذلك لان هناك ضوابط وإجراءات سلامة عامة للعمل تطبق على الجميع دون محاباة او مجاملة .
فالى متى ستبقى عمان تتراجع الى الوراء بعد ان كانت في طليعة مدن العالم في النظافة والجمال ؟والى متى يا امين عاصمتنا ستبقى عمان تصرخ من ويلات ممارساتكم وتجاهلكم لصيحاتها ؟ الى متى ستبقى القوانين والتعليمات حبر على ورق ترمى في جوارير ماكتبكم ؟ الا ترون ان عمان حزينة ؟ الا ترونها تذبل وتفقد عبق روائحها بعد ان تلاعبت بها كثرة أياديكم ؟ فأرجوكم خلوّا لنا محبوبتنا عمان ولا تتباكوا على ما فعلته بها أياديكم .