19-02-2014 10:55 AM
سرايا - سرايا - الأمثال الشعبية هي نتاج مراحل تاريخية ممتدة وخلاصة خبرات وتجارب طويلة عكست الكثير من جوانب الحياة في المجتمع الفلسطيني ، ولم تقتصر الأمثال على الجوانب الاجتماعية بل تعدتها للأحوال الجوية في فصل الشتاء التي قيل فيها العديد من الأمثال والأقوال الشعبية .
إذ تزخر مفكرة أجدادنا بمسميات وتواريخ شتوية تمكنوا من خلالها التنبؤ بالأحوال الجوية على خلاف ثقافتنا الشتوية المعاصرة التي نستمدها من النشرات الجوية اليومية .
توجهت إلى احد كبار السن في المنطقة الذي يحمل في جعبته معرفة وافرة بهذه الأمثال وجمعتني به جلسة شتوية تراثية حول منقل النار ستبقى عالقة في ذاكرتي ما حييت .
انه الحاج أبو مصفى جوابرة من بلدة عصيرة الشمالية قرب نابلس والذي تجاوز عمره ( 105 ) سنوات ، وبدا حديثه عن اربعينية الشتاء قائلا " المربعانية يا شمس تحرق يا مطر يغرق " ودلالته انه إذا استهلت اربعينية الشتاء بيوم ماطر ستغمرنا بالمطر طوال فترتها وإذا استهلت بيوم مشمس فهي تبشر بأربعينية جافة كما حصل هذا العام . وتطرق أبو مصطفى إلى الثلج فيقول " الثلج ملح الأرض " أي أن الثلج يقضي على العديد من الميكروبات والجراثيم في التربة والجو .
وعن أيلول يفيد : " أيلول ذيله مبلول " أي في آخر أيام شهر أيلول لا بد وان تمطرنا السماء بهدف غسل أشجار الزيتون وثمارها من الغبار والأوساخ الملتصقة به استعدادا لقطفها . ولفت الحاج أبو مصطفى إلى أن هناك المثل المرتبط بالسعودات " سعد السعود بدب الماوية بالعود " والمقصود عودة الحياة إلى الأشجار والمزروعات من جديد ، و" سعد الذابح ما بخلي كلب نابح " فالكلاب تختبئ من شدة البرد ، و" سعد بلع السما بتمطر والأرض بتبلع " دلالة على ابتلاع الأرض لكميات الأمطار ، و "سعد الخبايا بتتفتل في الصبايا وبتطلع الخبايا " أي تخرج الزواحف من أوكارها .
وبمزيد من الاستفاضة بالشرح أضاف الحاج أبو مصطفى : " الدفا عفى والبرد قتال " و " دخان يعمي ولا برد يقتل " أي في الأشهر الباردة كنا نتحمل دخان حطب الموقدة حتى ولو كان مؤذيا ولا نتحمل البرد القاتل ، فلم يكن عندنا لا تدفئة مركزية ولا مدافىء على الكهرباء ولا الغاز التي لا اشعر بدفئها مقارنة مع منقل النار . ويتابع حديثه عن شهر شباط " شباط ما عليه رباط " و " شباط بشبطها وبخبطها وريحة الصيف فيها " أي أن هذا الشهر يشهد احولا جوية غير مستقرة فتارة ماطرا وتارة أخرى يكون مشمسا .
أمثال آذار تبشر بالخير والأمطار
أما عن شهر آذار استأنف الحاج أبو مصطفى قوله : " رغم انحباس الأمطار فربما آذار سيعوض جزءا من أمطار الأسابيع والأيام الماضية " ففي آذار سبع ثلجات كبار " وآذار أبو الزلازل والأمطار " و " خبي الفحمات لكبار لعمك آذار " ، فكنا نحرص على جمع الحطب في أيام آذار حتى لو كانت الشمس تسطع في السماء ، لأننا نتوقع بأي وقت أن يهطل المطر ، أو تتساقط الثلوج . وتطرق أبو مصطفى لشهر نيسان فقال إن " شتوة نيسان بتحيي الإنسان " و " نيسان لسانه فلتان " و " نهار نيسان أوله وحل وآخره محل " و " بنيسان اطفي نارك وافتح باب دارك " موضحا أن شتوة نيسان تنظف الجو من الحشرات الطائرة والزاحفة والضارة بالمزروعات والبيئة لاحتوائها على نسبة أملاح عالية لا تتحملها الحشرات إضافة أنها تعطي الأرض نفسا جديدا .
هكذا كان أجدادنا يعيشون حياتهم البسيطة ، وهكذا كانت طريقتهم بالتنبؤ بالأحوال الجوية ، وان كان العلم يعارض هذه الأمثال فهي ليست بعيدة عن الحقيقة .